للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وبالأرض من حبها صفرة ... فما ينبت الروض إلا بهارا

وترقى إليها أو لو العزم من النظارة، وصبروا على النار والشعث بعد النعيم والنضارة، وكادت نارها تكون كنار القيامة وقودها الناس «١» والحجارة؛ هذا وبنفسج الظلام يذوي، ولينوفر «٢» النار يشب على الماء ويقوى، حتى نثرت غصون ذوائب النار شررها في النواحي، وظننا الدخان روضة سوسن تخللها نرجس وأقاحي، وعقد الدخان سماء أخرى، وأطلع الشرار فيها كواكب زهرا، وكأن أهل دمشق دعوا طارق النيل والفرات ليقرى، وخافوا ضلاله فرفعوا له من النار في الظلماء ألوية حمرا، إلى أن أتاها البحر- لا زال نصره عجاجا، ولا برحت سيوفه تكاثر البحار أمواجا- فانكشفت لما أن رأت من وجهه سراجا وهاجا، وطفئت لما أن رأت جوده عذبا فراتا، وبأسه ملحا أجاجا، وكاثرهم بهمم أمرائه فأحكم إخمادها وتلقى بصدره من خطب الزمان ما دهى؛ ولما طلع في روض السماء ياسمين النهار، وعاد إهليلجا ما رؤي بالليل من الجلنار، وقف النادبون على الرسوم، ورأوا صنع النار التي عكست نار الآخرة، فكان لكلّ مكان منها جزء مقسوم «٣» : [الطويل]

فلم يدر رسم الدار كيف يجيبنا ... ولا نحن من فرط الجوى كيف نسأل

وأصبح باب الساعات «٤» وهو من آيات الساعة، وخلت مصاطب الشهود من السنة والجماعة، وعادت الدهشة وقد آل أمرها إلى الوحشة، وحسنها البديع، وقد ثلث النار عرشه، كأن لم أر بها سميرا، ولا شاهدت من بنائها

<<  <  ج: ص:  >  >>