جوانب دمشق، وما الناس إلا هالك وابن هالك «١» ؛ وتوهموا أن فعلاتهم المذمومة تغطي مساوئها الليالي الحوالك، فعل من صوّر الصور بيده وعبدها، وكفر بالوحدانية وجحدها، وعكف على الخيانة والجناية، واعتمد على عقل أداه إلى أن الواحد تعالى ثلاثة، فتهيب بعض الناس رميهم بهذا الحجر وأعظم نسبة هذا الفعل إليهم، وفجر وخوف بانتصار الفرنج لأهل ملتهم، وإزاحة علّتهم، وكشف غمتهم، والأخذ بثأر رمّتهم؛ فقال من صدق في إيمانه، وكان من أنصار الإسلام وأعوانه «٢» : [الوافر]
أعباد المسيح يخاف صحبي ... ونحن عبيد من خلق المسيحا
فما كان إلا أن صممت العزمات السيفية، وعمت بإحسانها الشامل، حتى خلصت النفوس البريئة من هذه البرية، وأيقظت عين حزمها الراقدة، واستبدت مرة واحدة؛ ورسم بإمساك من أبرم هذا الأمر وحرره، وبيت على فعله وقرره، فأقروا بما فعلوا، ووجدوا ما عملوا، فضربوا بسياط كشطت غلظ الغلظ من جلدتهم، وأوهنت قوى شجاعتهم وجلدهم، كم فيهم من أسود اللّمّة فتق جلده الشيب، وخطّ وخطه على جنبه ما كان مخبوءا له في الغيب، وأقبل بعضهم يوبخ بعضا فيما أشار، ويتبرم هذا إذ يتبرأ ذاك من هذه الآثار، ويتسابون فيما بينهم، إِنَّ ذلِكَ لَحَقٌّ تَخاصُمُ أَهْلِ النَّارِ
»
. ولقد قلت فيهم عند التشفي، والانكفاء عن عقابهم بما يكفّ الحنق ويكفي:[الكامل]