للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المعلل، والطرب بكأس رحيقه المحلل، والتيه وحاشاه منه في سلوك طريقه المدلل، والجهد- ولو كلف- لا يجيء بمثل سيره المذلل، والسحاب لا يطير إلا بجناح كرمه المبلل، والروض لا يبرز إلا في ثوب زخرفه المجلل، والبرق لا يهتز إلا في مثل ردائه المشلل، والنصر يفضي لمواضيه على حد حسامه المفلل، والفجر لولا بيانه الوضاح لما أرشد دليله المضلل، والبحر لولا ما عرف من عبابه الزاخر لما ذم على غزر المادة نواله المقلل، والفخر- ولو شمخ بأنفه- لا ينافس عقده الموشح، ولا يتطاول إلى تاجه المكلل، وفهمه فهام، وعلمه فزاد صقال الأفهام، وقصر عن معرفته فما شك أنه إلهام، وانتهى في الجواب إلى وصف أنواء تلك الليلة الماطرة، وما موهت به السحب من ذهب برقها، وقتلته الأنواء من خيوط ودقها، ونفخت فيه الرياح من جمر كانونها، وأظهرت حقيقته الرعود من سرّ مكنونها، وما تبثه عارضة ذلك العارض الممطر الذي هو أقوى من شآبيبها، وأوقى مما أرقته «١» السّماء من جلابيبها، وأسرى من برقها المومض في غرابيبها، وأسرع من سرى رياحها وقد جمعت أطواق السحب وأخذت بتلابيبها؛ وسبح الملوك من عجب لهذه البلاغة التي كملت الفضائل، وفضلت عن العلم وفي الرعيل الأول علم الأوائل، وفضلت مبدعها وحق له التفضيل، وآتته جملة الفضل وفي ضمنها التفضيل، وانطقت لسان بيانه وأخرست كل لسان، وأجرت قلم كرمه وأحرزت كل إحسان، ونشرت علم علمه وأدخلت تحته كل فاضل، وأرهفت شبا حده وقطعت به كل مناظر وكل مناضل، وقالت للسحاب: إليك- وقد طبق- إليك، فإن البحر قد جاءك؛ وللنوء- وقد أغدق- تنح، فإن الطوفان قد ضيق أرجاءك؛ وللرعد وقد صرخ: اسكت، فقد آن لهذه الشقاشق أن تسكت؛ وللبرق وقد نسخ آية الليل: استدرك غلطك، لئلا تبكت؛ أما ترى هذه العلوم

<<  <  ج: ص:  >  >>