للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعرض على أبي العلاء كفّ من اللّوبياء، فأخذ منها واحدة ولمسها بيده، ثم قال: ما أدري ما هي إلّا إنّي أشبّهه بالكلية. فتعجّبوا من فطنته وإصابة حدسه.

وقال أبو العلاء في وقت لجماعة حضروا عنده: عدوا علّي الألوان، فقالوا: أبيض، وأخضر، وأصفر، وأسود، وأحمر. فقال: هذا هو ملكها. يعني الأحمر. وكان أبو العلاء يقول: أذكر من الألوان الحمرة، وذلك أنّني لمّا جدرت ألبست ثوبا أحمر. وهذا من فرط ذكائه، لأنّه كان عمره أربع سنين.

ودخل عليه أبو محمد الخفاجيّ الحلبي، وسلّم عليه ولم يكن يعرفه، فردّ عليه السلام.

وقال: هذا رجل طوال. ثم سأله عن صناعته فقال: أقرأ القرآن. فقال: اقرأ علىّ شيئا منه. فقرأ عليه عشرا. فقال له: أنت أبو محمد الخفاجي الحلبيّ؟ فقال: نعم. فسئل عن ذلك فقال: أمّا طوله فعرفته بالسّلام، وأمّا كونه أبا محمد فعرفته بصحة قراءته وأدائه بنغمة أهل حلب، فإنّني سمعت بحديثه.

وممّا حكي عن أبي العلاء، أنّه كان يعجبه قصيدة التّهامي التى يرثى بها ولده، وأوّلها:

[الكامل]

حكم المنيّة في البريّة جاري ... ما هذه الدّنيا بدار قرار

وكان لا يرد عليه أحد إلّا ويستنشده إيّاها، لإعجابه بها. فقدم التهاميّ معرّة النعمان ودخل على أبي العلاء، فآستنشده إيّاها، فأنشدها، فقال له: أنت التهامي؟ فقال: نعم.

فقال: كيف عرفتني؟ فقال: لأني سمعتها منك ومن غيرك؟ فأدركت من حالك أنّك تنشدها من قلب قريح، فعلمت أنّك قائلها.

ومن رسائل أبي العلاء رسالة كتب بها إلى أبي نصر صدقة بن يوسف، لمّا استدناه إلى حضرة عزيز الدولة فاتك/ ٣٤٣/صاحب حلب، وهي «١» :

<<  <  ج: ص:  >  >>