للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وجوده أوجد الأيام ما اقترحت ... وجوده أعدم الشّاكين للعدم

قد ملّكته العوالي رقّ مملكة ... تعير أنف الثّريا عزّة الشّمم

أرى مقاما عظيم الشأن أوهمني ... في يقظتي أنّه [من] جملة الحلم «١»

يوم من العمر لم يخطر على أملي ... ولا ترقّت إليه رغبة الهمم

ليت الكواكب تدنو لي فأنظمها ... عقود مدح فما أرضى لكم كلمي

(٤٧) ترى الوزارة فيه وهي باذلة ... عند الخلافة نصحا غير متّهم

عواطف أعلمتنا أنّ بينهما ... قرابة من جميل الرأي لا الرّحم «٢»

خليفة ووزير مدّ عدلهما ... ظلا على مفرق الإسلام والأمم

زيادة النّيل نقص عند فيضهما ... فما عسى تتعاطى منّة الدّيم «٣»

فاستحسن قصيدته الحاضرون. ثم عاد إلى مكة وهم إليه بعيونهم ناظرون.

ثم إنّ صاحب مكة أعاده إلى الفائز مرة ثانية، وهبّت إلى مصر ريح يمانية ومدّ إليها منه بحر عدّت البحار السبعة ثمانية. وأتاها على نيّة مقيم، وبعلانية أنّه عنها لا يريم، فلما دنا عمارة من الفائز أدناه، وسوّغه فوق مناه، شكرا لمسعاته، وبرّا كلّمه به بغير ترجمان من دعاته، وذلك بما لقّنه ابن رزيك وفطّنه، واستجلبه به ليوطّنه، ثم اختص بابن رزيك خصوصيّة اللسان بالبيان، واليد بالبنان، فغرفه الصالح بسجله، وعرفه نجح ما جاء لأجله، وجعله لا يطأ الثريّا برجله، ولا يطلب الجوزاء بأن تصاغ بحجله، وقد تقدّم في ترجمة الفائز ذكر وفادته، وأنّها كانت بكر سعادته، وأتينا هناك على عيون من أخباره، ومكنون من أشعاره، فلقد أحلّه ابن رزيك منه مكانا تسفّ عنه الرياح المحلّقة، وتشف عنه مصابيح النجوم

<<  <  ج: ص:  >  >>