بالكلام. ثم سنّى له الجائزة، وغدا ابن تميم ويده لها حائزة.
ثم استدعاه ليلة أخرى، والحندس قد أسبل جلابيبه، والظلام قد صبّ شآبيبه، والنجوم قد آلت أن لا تزول، وركائب السّيّارة على المجرّة نزول. فبيناهم في ذلك العيش السّجسج «١» ، وبرد السّرور الذي مثله ما يسنج، وإذا بجارية في ظلامها مسفرة، ولذمامها غير مخفرة. قد عنّت كالظّبية المقبلة، تحت ذيل ذوائبها المسبلة، فقال له: إن كنت من أبناء قيلة، قل في هذه الليلة.
فقال:«٢»[الكامل]
يا ليلة قصّرت زورة غادة ... سفرت فأغنى وجهها عن بدرها «٣»
حتى إذا خافت هجوم صباحها ... نشرت ثلاث ذوائب من شعرها
فتبسّمت تضحك لشيب مفرقه، وتوضّح الشمس في مفرقه، فقال:[الوافر]
تقول وقد وصفت لها مشيبي ... بزهر في دجى شعري منير
بودّي لو يغيّبها غمام ... ويؤمر بالمقام فلا يسير
(١٣٧) فقال له الملك المنصور: دع عنك هذا، وقل في ذوائب هذه الجارية، فقال:[الطويل]
وهيفاء يسبينا اهتزاز قوامها ... وتفتننا بالسّحر أجفانها المرضى
يطول عليها الشّعر حتى إذا مشت ... أتى خاضعا قدّامها يلثم الأرضا
فقال له: بالله هل أعجبتك هذه الجارية؟ فقال: إي والذي خلق الحبّ، وقيّم الزّبّ. فضحك المنصور، وضحكت الجارية. ثم قال له: أفتحبّ أن تكون ملكك، على أن لا تمنعنا من عادة زيارتها؟ فقال: رضيت بالشّركة. فقال له