انهض فهذا النّجم في الغرب سقط ... والشّيب في فود الظّلام قد وخط
والصّبح قد مدّ إلى نحر الدّجى ... يدا بها درّ النّجوم تلتقط
وألهب الإصباح أذيال الدّجى ... بشمعة من الشّعاع لم تقطّ
وضجّت الأطيار في أوراقها ... لّما رأت سيف الصّباح مخترط
وقام من فوق الجدار هاتف ... متوّج الهامة ذو فرع قطط
يخبّر الرّاقد أنّ نومه ... عند انتباه جدّه من الغلط
والبدر قد صار هلالا ناحلا ... في آخر الشّهر وبالصّبح اختلط
كأنّه قوس لجين موتر ... واللّيل زنجيّ عليه قد ضبط
(٢٦٢) وفي يديه للثّريّا ندب ... يزيد فردا واحدا عن النّمط
فأيّ عذر للرّماة والدّجى ... قد عدّ في سلك الرّماة وانخرط
أما ترى الغيم الجديد مقبلا ... قد مدّ في الأفق رداه فانبسط
يلمع ضوء البرق في حافاته ... كأنّ في الجوّ صفاحا تخترط
وأظهر الخريف من أزهاره ... أضعاف ما أخفى الرّبيع إذ شحط
ولان عطف الرّيح في هبوبها ... والطّلّ من بعد الهجير قد سقط
والشّمس في الميزان موزون بها ... قسط النّهار بعد ما كان قسط
وأرسلت جبال دربند لنا ... رسلا صبا القلب إليها وانبسط
من الكراكي الخزريّات التي ... تقدم والبعض ببعض مرتبط
كأنّها إذ تابعت صفوفها ... ركائب عنها الرّحال لم تحط
إذا وعاها سمع ذي صبابة ... مثلي، تقاضاه الغرام ونشط «١»
فقم بنا نرفل في ثوب الصّبى ... إنّ الرّضى بتركه عين السّخط
والتقط اللّذة حيث أمكنت ... فإنّما اللّذّات في الدّهر لقط
إنّ الشّباب زائر مودّع ... لا يستطاع ردّه إذا فرط
أما ترى الكركيّ في الجوّ وقد ... نغّم في أفق السّماء ولغط
أنساه حبّ دجلة وطيبها ... مواطنا قد زقّ فيها ولقط
فجاء يهدي نفسه وما درى ... أنّ الرّدي قرينه حيث سقط
فابرز قسيّا من كمنداناتها ... إنّ الجياد للحروب ترتبط
من كلّ سبط من هدايا واسط ... جعد التّلاع منه في الكعب نقط «٢»
أصلحه الصالح باجتهاده ... فكلّ ذي لبّ له فيه غبط «٣»