للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومن عادته أنه إذا عاد إليه أحد ممن ندبه في شغل أو مهمّ يسأله عن كلّ ما تمّ له من حال من حين مفارقته له إلى حين عوده (٥٠١) مفصلا.

والشكاوى والمظالم تنتهي إلى هذا الملك فيفصلها بنفسه، وفي الغالب لا يكتب شيئا بل أمره بالقول غالبا، وله قضاة وكتاب ودواوين، هذا ما حدثني به الدكاليّ.

وحكى لي الأمير أبو الحسن عليّ ابن أمير حاجب «١» أنه كان كثير الاجتماع بالسلطان موسى ملك هذه البلاد لما قدم مصر حاجّا، وكان هو نازلا بالقرّافة، وابن أمير حاجب والي مصر والقرّافة إذ ذاك، واتحدت بينهم الصحبة، وأنّ هذا السلطان موسى حدّثه بكثير من أحواله وأحوال بلاده ومن يجاورها من أمم السودان، قال:

ومما حدّثني به أن بلاده متسعة اتساعا كثيرا وهي متصلة بالبحر المحيط، فتح فيها بسيفه وجنده أربعا وعشرين مدينة ذوات أعمال وقرى وضياع، وهي كثيرة الدوابّ من البقر والغنم والمعز والخيل والبغال وأنواع الطير الدواجن كالأوزّ والحمام والدّجاج، وأن أهل بلاده عدد كبير وجم غفير، وهم بالنسبة إلى من جاورهم من أمم السّودان المتوغلين في الجنوب كالشّامة البيضاء في البقرة السّوداء، وفي مهادنته أهل منابت الذهب، وله عليهم القطيعة، قال، فسألته كيف نبات الذهب. فقال: يوجد على نوعين. نوع في زمن الربيع عقيب الأمطار ينبت في الصحراء، وله ورق شبيه بالنّجيل «٢» أصوله التّبر، والنوع الآخر يوجد في جميع السنة في أماكن معروفة على ضفاف مجاري النيل، فيحفر هناك حفائر، فتوجد أصول الذهب كالحجارة والحصي فيؤخذ وكلاهما هو المسمى بالتّبر، والأول أفحل في العيار، وأفضل في القيمة. قال:

<<  <  ج: ص:  >  >>