للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وألقى عليه ثيابه ومضى نحوه، فإذا الرشيد يقرأ في صلاة الصبح، فانتهى إليه وهو يقرأ: (وما لي لا أعبد الذي فطرني) «١» فقال ابن أبي مريم: لا أدري والله، وقد ملكك الدنيا كلها، فما تمالك الرشيد أن ضحك في صلاته [ص ١٢٥] ، ثم التفت إليه وهو كالمغضب وقال: يا ابن أبي مريم، في الصلاة أيضا، قال: يا هذا وما صنعت، قال: قطعت عليّ صلاتي، قال: والله ما فعلت، وإنما سمعت منك كلاما غمني حين قلت: وما لي لا أعبد الذي فطرني، وقد ملكك الدنيا، فقلت لا أدري والله، فضحك الرشيد، ثم قال له: إياك والقرآن والدين، ولك ما شئت بعدهما.

وذكر زيد بن علي الحسيني أن الرشيد [أراد] أن يشرب دواء فقال له يا بن أبي مريم هل لك أن تجعلني حاجبك إذا أخذت الدواء وكل شىء أكتسبه بيني وبينك، فقال: أفعل، وبكر ابن أبي مريم ووضع له الكرسي، وأخذ الرشيد الدواء، فجاء رسول أم جعفر يسأل عنه، فأوصله إليه، وعرفه حاله وانصرف بالجواب وقال: اعلم السيدة بما فعلت في الإذن لك قبل الناس، فأعلمها فبعثت إليه بمال كثير، ثم جاء رسول يحيى بن خالد، ففعل به مثل ذلك، ثم جاء رسول جعفر والفضل، ففعل ذلك، فبعث إليه كل واحد من البرامكة بصلة جزيلة، ثم جاء رسول الفضل بن الربيع فرده، وجاءت رسل القواد والعظماء، فما سهل إذن أحد منهم، إلا بصلة جزيلة، فما صلى العصر حتى صار إليه ستون ألف دينار، فلما نقي الرشيد، فقال له: ما صنعت في يومك هذا؟ قال:

يا سيدي، كسبت ستين ألف دينار، فقال: أين حاصلي، قال: معزول، قال:

لا وقد وهبته لك، ولكن اهد لي عشرة آلاف تفاحة.

وذكر مصعب بن عبد الله الزبيري، عن أبيه: أن الرشيد قال له: ما تقول

<<  <  ج: ص:  >  >>