للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ملك ممالك أهل بيته ونظامها.

قال أبو الفضل:

[الطويل]

ولما رأى السلطان عزتك التي ... هي السعد أغشاه عن اللحظ نورها

وما زال من فرط المهابة مطرقا ... بعينيه حتى ما يكاد يديرها [ص ١٨٥]

ثم باكر إليه ثاني يوم دخوله مهنيا بالاستقرار والإياب الذي قربه القرار، ثم خطب خطبة أبلغ فيها موعظة السلطان وتذكيره بآخرته، وتمثيل مقامه بين يدي الله عز وجل ومساءلته، وعدد ما له فرض الله عليه لخليفته وخليقته، وما طوقه من فخار الملك دون حقيقته، وشرح له المظالم التي تلزمه إثمها، وإن غاب عنه علمها، ويناط به وزرها، وإن خفي عنه أمرها، وختم ذلك بدعاء له بالصلاح والهداية، والنجاح والكفاية، فظن كل من حضر ذلك الموقف أنه لا يسلم من بطشه، ولا يسام من إثارة البلاء له ونبشه، حتى توهم قوم أن موجدته منه سيتعدى إلى الخليفة ضررها، ويستطيل في الدولة شررها، فلما استتم كلامه، رفع السلطان طرفه وقال: (عهدي بعيد بسماع هذا الكلام، وأرجو أن يظهر على بركتك، فلا تقطع عني تذكيرك في كل وقت) ، وانصرف، وأتبعه السلطان بحلل وقماش وخيل ومماليك أتراك، وجارية تركية، فوصلت إليه الهدية وهو جالس في داره، بين سمّار مجلسه وحضاره، وفرقها كلها عليهم، ولم يمسك لنفسه شيئا سوى الجارية، ثم بعث إليه هدية يسيرة لا يكون لبعضها مجازية، وقصد البقش كونخر في أمراء السلجوقية فسأل المقتفي، فخرج إليهم ومعه ابن هبيرة، وبان فيها من هذا الوزير وإقدامه، وزئير ضرغامه، لا صرير أقلامه، ما أقام الهيبة في صدور الأعداء، وحسم الداء بالداء، فإنه خاض تلك الحروب، وتلقى الأسنة بنحره، يرتب الميامن والمياسر، ويبوّئ مقاعد الحرب بين

<<  <  ج: ص:  >  >>