للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَلَمَّا جَاءَتْ الْآنَ، وَهِيَ فَارِغَةٌ، وَتَقُولُ: قَدْ وَلَدْتُ، فَالظَّاهِرُ يَشْهَدُ لَهَا، أَوْ يَتَيَقَّنُ بِوِلَادَتِهَا، وَهَذَا بِخِلَافِ النَّسَبِ؛ لِأَنَّ بِقَوْلِهَا يَثْبُتُ مُجَرَّدُ الْوِلَادَةِ، وَلَيْسَ مِنْ ضَرُورَتِهِ تَعَيُّنُ هَذَا الْوَلَدِ؛ لِجَوَازِ أَنْ تَكُونَ وَلَدَتْ غَيْرَ هَذَا مِنْ وَالِدٍ مَيِّتٍ ثُمَّ تُرِيدُ حَمْلَ نَسَبِ هَذَا الْوَلَدِ عَلَيْهِ فَلِهَذَا لَا يُقْبَلُ قَوْلُهَا فِي تَعْيِينِ الْوَلَدِ إلَّا بِشَهَادَةِ الْوَالِدِ.

فَأَمَّا وُقُوعُ الطَّلَاقِ يَتَعَلَّقُ بِنَفْسِ الْوِلَادَةِ أَيِّ وَلَدٍ كَانَ مِنْ حَيٍّ أَوْ مَيِّتٍ، وَبَعْدَ إقْرَارِ الزَّوْجِ بِالْحَبَلِ يَتَيَقَّنُ بِالْوِلَادَةِ، إذَا جَاءَتْ وَهِيَ فَارِغَةٌ.

(قَالَ): وَإِذَا قَالَ الرَّجُلُ لِامْرَأَتِهِ: إذَا وَلَدْتِ وَلَدَيْنِ، فَأَنْتِ طَالِقٌ فَوَلَدَتْ ثَلَاثَةَ أَوْلَادٍ فِي بَطْنٍ وَاحِدٍ، ثُمَّ وَلَدَتْ بَعْدَ ذَلِكَ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ وَلَدًا آخَرَ، فَقَدْ وَقَعَتْ عَلَيْهَا تَطْلِيقَةٌ بِوِلَادَةِ الْوَلَدَيْنِ الْأَوَّلَيْنِ؛ لِتَمَامِ الشَّرْطِ بِهِمَا، وَانْقَضَتْ عِدَّتُهَا بِالْوَلَدِ الثَّالِثِ؛ لِأَنَّهَا مُعْتَدَّةٌ وَضَعَتْ جَمِيعَ مَا فِي بَطْنِهَا فَإِنَّ الْوَلَدَ الرَّابِعَ مِنْ حَبَلٍ حَادِثٍ بِيَقِينٍ؛ لِأَنَّ التَّوْأَمَ لَا يَكُونُ بَيْنَهُمَا مُدَّةُ حَبَلٍ تَامٍّ؛ وَلِهَذَا لَا يَثْبُتُ نَسَبُ الْوَلَدِ الرَّابِعِ مِنْ الزَّوْجِ؛ لِأَنَّهَا عَلِقَتْ بِهِ بَعْدَ انْقِضَاءِ عِدَّتِهَا.

(قَالَ): وَلَوْ قَالَ: أَوَّلُ وَلَدٍ تَلِدِينَهُ غُلَامًا، فَأَنْتِ طَالِقٌ فَوَلَدَتْ غُلَامًا وَجَارِيَةً فِي بَطْنٍ وَاحِدٍ لَا يَعْلَمُ أَيُّهُمَا أَوَّلٌ، لَمْ يَقَعْ عَلَيْهَا شَيْءٌ فِي الْحُكْمِ؛ لِجَوَازِ أَنْ تَكُونَ وَلَدَتْ الْجَارِيَةَ أَوَّلًا ثُمَّ الْغُلَامَ، وَفِي النُّزْهَةِ قَدْ وَقَعَتْ عَلَيْهَا تَطْلِيقَةٌ؛ لِجَوَازِ أَنْ تَكُونَ وَلَدَتْ الْغُلَامَ أَوَّلًا فَوَقَعَ عَلَيْهَا تَطْلِيقَةٌ، ثُمَّ انْقَضَتْ عِدَّتُهَا بِوِلَادَةِ الْجَارِيَةِ فِي هَذَا الْوَجْهِ غَيْرَ أَنَّهَا لَا تَحِلُّ لِلْأَزْوَاجِ حَتَّى يُوقِعَ عَلَيْهَا طَلَاقًا مُسْتَقْبَلًا، وَتَعْتَدَّ بِعِدَّةٍ مُسْتَقْبَلَةٍ؛ لِأَنَّهَا فِي الْحُكْمِ امْرَأَتُهُ فَإِنَّ الطَّلَاقَ بِالشَّكِّ لَا يَقَعُ فِي الْحُكْمِ فَلِهَذَا يَحْتَاجُ فِي حِلِّهَا لِلْأَزْوَاجِ إلَى إيقَاعٍ مُسْتَقْبَلٍ وَعِدَّةٍ مُسْتَقْبَلَةٍ.

(قَالَ): وَإِذَا قَالَ لَهَا: كُلَّمَا وَلَدْت وَلَدَيْنِ، فَأَنْتِ طَالِقٌ فَوَلَدَتْهُمَا فِي بَطْنٍ وَاحِدٍ، أَوْ فِي بَطْنَيْنِ، فَهُوَ سَوَاءٌ، وَيَقَعُ عَلَيْهَا الطَّلَاقُ بِالْوَلَدِ الْآخَرِ؛ لِأَنَّ تَمَامَ الشَّرْطِ بِهِ وَلَا فَرْقَ فِي الشَّرْطِ بَيْنَ أَنْ يُوجَدَا مَعًا أَوْ مُتَفَرِّقَيْنِ، وَلَوْ وَلَدَتْ الثَّانِيَ وَهِيَ لَيْسَتْ فِي نِكَاحِهِ وَلَا فِي عِدَّتِهِ، لَمْ يَقَعْ عَلَيْهَا شَيْءٌ عِنْدَنَا، وَعَلَى قَوْلِ ابْنِ أَبِي لَيْلَى - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، يَقَعُ؛ لِأَنَّ الْمُعْتَبَرَ عِنْدَهُ أَنَّ الطَّلَاقَ يَقَعُ عِنْدَ وُجُودِ الشَّرْطِ بِالتَّعْلِيقِ السَّابِقِ، وَقَدْ صَحَّ فِي مِلْكِهِ أَلَا تَرَى أَنَّ الصَّحِيحَ إذَا قَالَ لِامْرَأَتِهِ: إنْ دَخَلْت الدَّارَ، فَأَنْتِ طَالِقٌ ثُمَّ جُنَّ ثُمَّ دَخَلَ الدَّارَ، تَطْلُقُ بِاعْتِبَارِ وَقْتِ التَّعْلِيقِ لَا وَقْتِ وُجُودِ الشَّرْطِ، وَلَكِنَّا نَقُولُ: أَوْ أَنَّ وُقُوعَ الطَّلَاقِ عَلَيْهَا عِنْدَ وُجُودِ الشَّرْطِ، وَعِنْدَ ذَلِكَ لَيْسَتْ بِمَحَلٍّ لِوُقُوعِ طَلَاقِهِ عَلَيْهَا؛ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ فِي نِكَاحِهِ وَلَا فِي عِدَّتِهِ.

وَبِدُونِ الْمَحَلِّ لَا يَثْبُتُ الْحُكْمُ بِخِلَافِ جُنُونِ الزَّوْجِ فَإِنَّهُ لَا يُعْدِمُ الْمَحَلِّيَّةَ إنَّمَا يُعْدِمُ الْأَهْلِيَّةَ لِلْإِيقَاعِ، وَالْإِيقَاعُ بِكَلَامِ الزَّوْجِ، وَذَلِكَ عِنْدَ التَّعْلِيقِ لَا عِنْدَ وُجُودِ الشَّرْطِ فَلِهَذَا لَا يُعْتَبَرُ قِيَامُ الْأَهْلِيَّةِ

<<  <  ج: ص:  >  >>