للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عِنْدَ وُجُودِ الشَّرْطِ، وَلَوْ أَبَانَهَا فَوَلَدَتْ الْأَوَّلَ فِي غَيْرِ نِكَاحِهِ وَعِدَّتِهِ، ثُمَّ تَزَوَّجَهَا، فَوَلَدَتْ، عِنْدَنَا، يَقَعُ الطَّلَاقُ عَلَيْهَا، وَعِنْدَ زُفَرَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، لَا يَقَعُ؛ لِأَنَّ وِلَادَةَ الْوَلَدِ الْأَوَّلِ شَرْطٌ لِلطَّلَاقِ لِوِلَادَةِ الْوَلَدِ الثَّانِي.

، فَكَمَا لَا يُعْتَبَرُ قِيَامُ الْمِلْكِ لِلْوُقُوعِ عِنْدَ وِلَادَةِ الْوَلَدِ الثَّانِي، فَكَذَلِكَ عِنْدَ وِلَادَةِ الْوَلَدِ الْأَوَّلِ، وَعُلَمَاؤُنَا رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى يَقُولُونَ: الْمَحَلُّ إنَّمَا يُعْتَبَرُ عِنْدَ التَّعْلِيقِ لِصِحَّةِ التَّعْلِيقِ بِوُجُودِ الْمَحْلُوفِ بِهِ، وَعِنْدَ تَمَامِ الشَّرْطِ لِنُزُولِ الْجَزَاءِ، فَأَمَّا فِي حَالِ وِلَادَةِ الْوَلَدِ الْأَوَّلِ لَيْسَ بِحَالِ التَّعْلِيقِ وَلَا حَالِ نُزُولِ الْجَزَاءِ إنَّمَا هُوَ حَالُ بَقَاءِ الْيَمِينِ.

وَمِلْكُ الْمَحَلِّ لَيْسَ بِشَرْطٍ لِبَقَاءِ الْيَمِينِ كَمَا لَوْ قَالَ لِعَبْدِهِ: إنْ دَخَلْتَ الدَّارَ، فَأَنْتَ حُرٌّ ثُمَّ بَاعَهُ ثُمَّ اشْتَرَاهُ وَدَخَلَ الدَّارَ، عَتَقَ، وَهَذَا؛ لِأَنَّ بِوُجُودِ بَعْضِ الشَّرْطِ لَا يَنْزِلُ شَيْءٌ مِنْ الْجَزَاءِ أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ فِي رَجَبٍ وَلَمْ يَدْخُلْ بِهَا: إذَا جَاءَ يَوْمُ الْأَضْحَى، فَأَنْتِ طَالِقٌ ثُمَّ أَبَانَهَا ثُمَّ تَزَوَّجَهَا يَوْمَ عَرَفَةَ فَجَاءَ يَوْمُ الْأَضْحَى، طَلُقَتْ، وَمَا لَمْ يَمْضِ الشَّهْرُ لَا يَتَحَقَّقُ وُجُودُ الشَّرْطِ بِمَجِيءِ يَوْمِ الْأَضْحَى ثُمَّ لَا يُعْتَبَرُ قِيَامُ الْمَحَلِّ فِي تِلْكَ الشُّهُورِ.

وَعَلَى هَذَا الْخِلَافِ لَوْ قَالَ: إذَا حِضْت حَيْضَتَيْنِ فَحَاضَتْ الْأُولَى فِي غَيْرِ مِلْكٍ، وَالثَّانِيَةَ فِي مِلْكٍ، وَكَذَلِكَ إنْ تَزَوَّجَهَا قَبْلَ أَنْ تَطْهُرَ مِنْ الْحَيْضَةِ الثَّانِيَةِ بِسَاعَةٍ، أَوْ بَعْدَ مَا انْقَطَعَ عَنْهَا الدَّمُ قَبْلَ أَنْ تَطْهُرَ مِنْ الْحَيْضَةِ الثَّانِيَةِ بِسَاعَةٍ، أَوْ بَعْدَ مَا انْقَطَعَ عَنْهَا الدَّمُ قَبْلَ أَنْ تَغْتَسِلَ، وَأَيَّامُهَا دُونَ الْعَشَرَةِ، فَإِذَا اغْتَسَلَتْ أَوْ مَضَى عَلَيْهَا وَقْتُ صَلَاةٍ، طَلُقَتْ؛ لِأَنَّ الشَّرْطَ قَدْ تَمَّ وَهِيَ فِي نِكَاحِهِ.

وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ: إنْ أَكَلْتِ هَذَا الرَّغِيفَ فَأَنْتِ طَالِقٌ فَأَكَلَتْ عَامَّةَ الرَّغِيفِ فِي غَيْرِ مِلْكِهِ، ثُمَّ تَزَوَّجَهَا فَأَكَلَتْ مَا بَقِيَ مِنْهُ طَلُقَتْ؛ لِأَنَّ الشَّرْطَ شَرْطٌ فِي مِلْكِهِ، وَالْحِنْثُ بِهِ يَحْصُلُ، وَقَدْ قَالَ فِي الْأَصْلِ: إذَا قَالَ: كُلَّمَا حِضْتِ حَيْضَتَيْنِ فَأَنْتِ طَالِقٌ فَحَاضَتْ الْأَخِيرَةَ مِنْهُمَا فِي غَيْرِ مِلْكِهِ ثُمَّ تَزَوَّجَهَا فَحَاضَتْ الثَّانِيَةَ فِي مِلْكِهِ لَمْ يَقَعْ عَلَيْهَا شَيْءٌ قَالَ الْحَاكِمُ: وَهَذَا الْجَوَابُ غَيْرُ سَدِيدٍ فِي قَوْلِهِ كُلَّمَا حِضْت، وَإِنَّمَا يَصِحُّ إذَا كَانَ السُّؤَالُ بِقَوْلِهِ إذَا حِضْت؛ لِأَنَّ كَلِمَةَ كُلَّمَا تَقْتَضِي التَّكْرَارَ (قَالَ) الشَّيْخُ الْإِمَامُ: وَالْأَصَحُّ عِنْدِي أَنَّ فِي الْمَسْأَلَةِ رِوَايَتَيْنِ: فِي رِوَايَةِ هَذَا الْكِتَابِ لَا تَطْلُقُ، وَفِي رِوَايَةِ الْجَامِعِ تَطْلُقُ، وَأَصْلُ الِاخْتِلَافِ فِي كَيْفِيَّةِ التَّكْرَارِ بِكَلِمَةِ كُلَّمَا فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ يَتَكَرَّرُ انْعِقَادُ الْيَمِينِ فَكُلَّمَا وُجِدَ الشَّرْطُ مَرَّةً ارْتَفَعَتْ الْيَمِينُ الْأُولَى، وَانْعَقَدَتْ يَمِينٌ أُخْرَى فَإِذَا لَمْ يَكُنْ عِنْدَ تَمَامِ الشَّرْطِ فِي نِكَاحِهِ وَلَا فِي عِدَّتِهِ لَا تَنْعَقِدُ الْيَمِينُ الْأُخْرَى؛ لِأَنَّ مِلْكَ الْمَحَلِّ شَرْطٌ عِنْدَ انْعِقَادِ الْيَمِينِ فَلِهَذَا لَا يَقَعُ عَلَيْهَا شَيْءٌ، وَإِنْ حَاضَتْ حَيْضَتَيْنِ فِي مِلْكِهِ.

وَعَلَى رِوَايَةِ الْجَامِعِ إنَّمَا يَتَكَرَّرُ بِكَلِمَةِ كُلَّمَا نُزُولُ الْجَزَاءِ بِتَكَرُّرِ الشَّرْطِ وَلَا يَتَكَرَّرُ انْعِقَادُ الْيَمِينِ

<<  <  ج: ص:  >  >>