فقال له ضغاطر: صاحبك، واللَّه نبيٌّ مرسل، نعرفه في صفته ونَجدُه في كتابنا باسمه.
ثم ألقى ثياباً كانت عليه سُوداً، ولبس ثياباً بيضاً، ثم أخذ عصاه، ثم خرج على الروم وهم في الكنيسة، فقال: يا معشر الروم، إنه قد جاءنا كتاب أحمد، يدعونا فيه إلى اللَّه، وإني أشهد أن لا إله إلا اللَّه وأشهد أن أحمد رسول اللَّه. فَوَثَبُوا عليه وَثْبَةَ رَجُلٍ واحد، فضربوه فقتلوه، فرجع دِحْية إلى هرقل فأخبره الخبر، فقال: قد قلت لك: إنا نخافهم على أنفسنا، وضغاطر كان، واللَّه، أعظم عندهم مني.
أخرجه أبو موسى.
٢٥٦٧ - ضِمَاد بن ثَعْلبة
(ب د ع) ضِمَاد بن ثَعْلبة الأزْدِي، من أزد شَنُوءَة، كان صديقاً للنبي ﷺ في الجاهلية وكان رجلاً يتطبب، ويَرْقِي، ويطلب العلم، أسلم أول الإسلام، قاله أبو عمر.
وقال ابن منده وأبو نعيم: ضِمَاد بن ثعلبة الأُزدي، من أزد شَنُوءة، وزاد ابن منده: وقيل، ضمام.
ورووا كلُّهم حديثَ ابن عباس الذي أخبرنا به أبو الفرج يَحْيى بن محمود الثقفي، وأبو ياسر ابن أبي حَبَّة بإسناديهما إلى مسلم بن الحجاج، قال: أخبرنا إسحاق بن إبراهيم، عن عبد الأعلى، وهو أبو هَمَّام، حدثنا داود، عن عمرو بن سعيد، عن سعيد بن جُبَير، عن ابن عباس:
أن ضِماداً قَدِم مكة، وكان من أزد شنوءَة، وكان يَرْقِي من هذه الريح، فسمع سفهاء من أهل مكة يقولون: إن محمداً مجنون. فقال: لو رأيت هذا الرجل لعل اللَّه أن يشفيه على يديَّ. فلقيه فقال: يا محمد، إني أرقي من هذه الريح، وإن اللَّه يشفي على يدي من شاء، فهل لك؟ فقال النبي ﷺ:[إنَّ] الحمد للَّه، نحمدُه ونَسْتعِينه، من يَهْدِه اللَّه فلا مُضلَّ له ومن يُضلل فلا هاديَ له، وأشهد أن لا إله إلا اللَّه، وحده لا شريك له، وأنَّ محمداً عبده ورسوله، أما بعد.
فقال: أعِدْ عَلَيَّ كلماتِك هؤلاء. فأعادَهُنَّ النبي ﷺ ثلاثاً، فقال: واللَّه لقد سمعت قول الكهنة، وسمعت قول السحرة، وسمعت قول الشعراء، فما سمعت مثلَ هؤلاء الكلمات، واللَّه لقد بلغَتْ نَاعُوسَ (١) البحر، فمُدَّ يدك أبايعك على الإسلام، فمَدَّ النبي ﷺ يده، فبايعه،
(١) في المطبوعة: يا عوس، وفي النهاية وقد ذكر ناعوس، بالنون، قال أبو موسى: هكذا وقع في صحيح مسلّم، وفي سائر الروايات «قاموس البحر» وهو وسطه ولجته.