للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٣٥٩٧- عداس

(د ع) عداس، مَوْلَى شَيْبَة بْن رَبِيعة بْن عَبْد شمس.

من أهل «نينوي» الموصل، كَانَ نصرانيًا. لَهُ ذكر فِي صفة النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم.

أخبرنا أبو منصور بن مكارم بإسناده إلى أبي زكريا يزيد بْنِ إِيَاسٍ: حَدَّثَنَا أَبُو شُعَيْبٍ الْحَرَّانِيُّ، حَدَّثَنَا البقيلى عن محمد بن إسحاق، عن يزيد بن زِيَادٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ الْقُرَظِيِّ- وَذَكَرَ قِصَّةَ مَسِيرِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى الطَّائِفِ، وَمَا لَقِيَ مِنْ ثَقِيفٍ- قَالَ: فَأَلْجَئُوهُ إِلَى حَائِطٍ لِعُتْبَةَ وَشَيْبَةَ ابْنَيْ رَبِيعَةَ بْنِ عَبْدِ شَمْسٍ، وَهُمَا فِيهِ، فَعَمَدَ إلى ظل جبلة [١] فَجَلَسَ فِيهِ، وَابْنَا رَبِيعَةَ يَنْظُرَانِ إِلَيْهِ وَيَرَيَانِ مَا يَلْقَى مِنْ سُفَهَاءِ أَهْلِ الطَّائِفِ، فَتَحَرَّكَتْ لَهُ رَحِمُهُمَا [٢] ، فَدَعَوَا غُلامًا لَهُمَا نَصْرَانِيِّا، يُقَالُ لَهُ: عَدَّاسٌ، فَقَالا لَهُ: خُذْ قِطْفًا مِنْ هَذَا الْعِنَبِ، فَضَعْهُ بَيْنَ يَدَيْ ذَلِكَ الرَّجُلِ. فَفَعَلَ عَدَّاسٌ، وَأَقْبَلَ حَتَّى وَضَعَهُ بَيْنَ يَدَيْ رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم قَالَ لَهُ:

كُلْ. فَلَمَّا وَضَعَ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَدَهُ قَالَ: «بِسْمِ اللَّهِ» ، ثُمَّ أَكَلَ، فَنَظَرَ عَدَّاسٌ فِي وَجْهِهِ ثُمَّ قَالَ: «وَاللَّهِ إِنَّ هَذَا الْكَلامَ مَا يَقُولُهُ أَهْلُ هَذِهِ الْبِلادِ!» . فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: وَمِنْ أَهْلِ أَيِّ الْبِلادِ أَنْتَ يَا عَدَّاسُ؟ وَمَا دِينُكَ؟ قَالَ: نَصْرَانِيٌّ مِنْ أَهْلِ «نِينَوَى، فَقَالَ لَهُ رسول الله صلى الله عليه وسلم: من أهل قرية الرَّجُلِ الصَّالِحِ «يُونُسَ بْنِ مَتَّى» . قَالَ عَدَّاسٌ: وَمَا يُدْرِيكَ مَا يُونُسُ؟

قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ذَاكَ أَخِي، كَانَ نَبِيِّا وَأَنَا نَبِيٌّ، فَأَكَبَّ «عَدَّاسٌ» عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُقَبِّلُ رَأْسَهُ وَيَدَيْهِ وَقَدَمَيْهِ» . قَالَ: يَقُولُ ابْنَا رَبِيعَةَ أَحَدُهُمَا لِصَاحِبِهِ: أَمَّا غُلامُكَ فَقَدْ أَفْسَدَهُ عَلَيْكَ. فَلَمَّا جَاءَهُمَا عَدَّاسٌ قَالا لَهُ: وَيْلَكَ يَا عَدَّاسُ! مَا لَكَ تُقَبِّلُ يَدَيْ هَذَا الرَّجُلِ وَرَأْسَهُ [٣] ! قَالَ: يَا سَيِّدِي، مَا فِي الأَرْضِ شَيْءٌ خَيْرٌ مِنْ هَذَا. قَالا: وَيْحَكَ يَا عَدَّاسُ! لا يَصْرِفَنَّكَ عَنْ دِينِكَ، فَإِنَّ دِينَكَ خَيْرٌ مِنْ دِينِهِ [٤] » .

أَخْرَجَهُ أَبُو نُعَيْمٍ وَابْنُ مَنْدَهْ. واستدركه أبو زكريا عَلَى جَدِّهِ أَبِي عَبْد اللَّهِ بْن مَنْدَهْ، وقد أخرجه جده.


[١] الحبلة: شجرة العنب.
[٢] الرحم: الصلة والقرابة.
[٣] في سيرة ابن هشام: «وقدميه» .
[٤] سيرة ابن هشام: ١/ ٤٢١.

<<  <  ج: ص:  >  >>