للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وكان الزبرقان قد سار إلى عمر بصدقات قومه، فلقيه الحطيئة ومعه أهله وأولاده يريد العراق فراراً من السَّنَة وطلباً للعيش، فأمره الزبرقان أنْ يقصد أهله وأعطاه أمارة يكون بها ضيفاً له حتى يلحق به، ففعل الحطيئة، ثم هجاه الحطيئة بقوله:

دَعِ المكارمَ لا ترْحلْ لبُغْيَتِها … واقعُد فإنَّك أنتَ الطاعِمُ الكاسي

فشكاه الزبرقان إلى عمر، فسأل عمرُ حسّان بن ثابت عن قوله إنه هجو، فحكم أنه هجو له وضَعَة فحبسه عمر في مطمورة حتى شفع فيه عبد الرحمن بن عوف والزبير، فأطلقه بعد أن أخذ عليه العهد أن لا يهجو أحدا أبدا، وتهدده إن فعل، والقصة مشهورة (١)، وهي أطول من هذه، وللزبرقان شعر فمنه قوله!

نحن الملوكُ فلا حَيٌّ يُقَارِبنا … فينا العَلاءَ وفينا تُنْصَب البِيعُ

وَنَحْنُ نُطْعِمُهُمُ في القَحْط ما أكَلُوا … من العَبِيط إذا لم يُوْنَسِ القَزَع (٢)

وننحر الكُوم عَبْطَاً في أَرُومتنا … للنازلين إذا ما أنْزِلوا شَبِعوا

تلك المكارم حُزْناها مقارعة … إذا الكرام على أمثالها اقترعوا

أخرجه الثلاثة.

١٧٢٩ - زُبَيْبُ بن ثَعْلبة

(ب د ع) زبيب بن ثعلبة بن عمرو بن سَوَاء بن نَابِي بن عُبْدة بن عَدي بن جندب بن العنبر بن عمرو بن تميم التميمي العنبري.

وفد على النبي ومسح رأسه ووجهه وصدره، وقيل: هو أحد الغِلْمة الذين أعتقتهم عائشة، كان ينزل البادية على طريق الناس بين الطائف والبصرة.

أخبرنا أبو أحمد عبد الوهاب بن علي بن سكينة الصوفي بإِسناده إِلى سليمان بن الأَشعث قال: حدثنا أحمد بن عبدة، أخبرنا عمار بن شعيث بن عبد اللَّه بن زُبَيْب، عن أبيه، عن جده زبيب قال: بُعِث النبي جيشاً إلى بني العنبر فأخذوهم بِرُكْبَةٍ (٣)، من ناحية الطائف، فاستاقوهم إلى نبي اللَّه قال زبيب: فركبت بَكْرَةً لي إلى رسول اللَّه ، فسبقتهم إلى النبي ، فقلت: السلام عليك، يا نبي اللَّه، ورحمة اللَّه وبركاته، أتانا جندك فأخذونا، وقد كنا أسلمنا وخضرمنا آذان النّعم. فلما قدم بنو العنبر قال لي نبي اللَّه : هل لكم بَيِّنةٌ على أنكم أسلمتم قبل أن تؤخذوا في هذه الأيام؟ قلت:

نعم. قال: من بينتك؟ قلت: سمرة رجل من بَلْعَنْبَر، ورجل آخر سَمَّاه له، فشهد الرجل وأبى سمرة أن يشهد، فقال: فشهد لك واحد فَتَحْلِف مع شاهدك؟ فاستحلفني، فحلفت له باللَّه لقد أسلمنا يوم كذا وخَضْرَمْنا آذان النعم. فقال النبي: اذهبوا فقاسموهم أنصاف الأموال، ولا تَسْبُوا ذراريهم، لولا أن اللَّه تعالى لا يحب ضَلَالة لعمل ما رزيناكم (٤) عقالا.

أخرجه الثلاثة.


(١) ينظر الشعر والشعراء: ٣٢٧، وعيون الأخبار: ٢ - ١٩٥.
(٢) العبيط: اللحم الطري، والقزع: السحاب، وانكوم، الإبل، جمع كوماء: وهي الناقة عظمة السنام، والعبط:
نحر الناقة سليمة من غير داء.
(٣) في مراصد الاطلاع: هي واد من أودية الطائف.
(٤) ضلالة العمل: بطلانه وضياعه، وذهاب نفعة. ورزيناكم، نقصناكم، والأصل فيه أن يقال: رزأناكم، بالهمز.

<<  <  ج: ص:  >  >>