للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهو مرادي غطيفي، أصله من اليمن، قدم على رسول الله صلى الله عليه وآله وَسَلَّمَ سنة عشر. فأسلم، فبعثه عَلَى مراد وزبيد ومذحج.

أَنْبَأَنَا أَبُو جَعْفَرٍ عُبَيْدُ اللَّهِ بن أحمد بإسناده إلى يونس بن بكير، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ قَالَ:

وَقَدِمَ عَلَى رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وآله وَسَلَّمَ فَرْوَةُ بْنُ مُسَيْكٍ الْمُرَادِيُّ، مُفَارِقًا لِمُلُوكِ كِنْدَةَ، مُبَاعِدًا لَهُمْ. وَقَدْ كَانَ قُبَيْلَ الإِسْلامِ بَيْنَ هَمْدَانَ وَمُرَادَ وَقْعَةٌ أَصَابَتْ فِيهَا هَمْدَانُ مِنْ مُرَادٍ مَا أَرَادُوا، حَتَّى أَثْخَنُوهُمْ فِي يَوْمٍ يُقَالُ لَهُ «يَوْمُ الرَّدْمِ» ، وَكَانَ الَّذِي سَارَ إِلَى مُرَادٍ مِنْ هَمْدَانَ الأَجْدَعُ بْنُ مَالِكٍ، فَفَضَحَهُمْ يَوْمَئِذٍ، وَفِي ذَلِكَ يَقُولُ فَرْوَةُ بْنُ مُسَيْكٍ:

فَإِنْ نَغْلِبْ فَغَلابُونَ قِدْمًا ... وَإِنْ نُهْزَمْ فَغَيْرُ مُهَزَّمِينَا [١]

وَمَا إِنْ طِبْنَا [٢] جُبْنٌ وَلَكِنْ ... مَنَايَانَا وَدَوْلَةُ آخِرِينَا

كَذَاكَ الدَّهْرِ دَوْلَتُهُ سِجَالٌ ... تَكُرُّ صُرُوفُهُ حِينًا فَحِينَا [٣]

وَهُوَ أَكْثَرُ مِنْ هَذَا.

قَالَ ابْنُ إِسْحَاق: وَلَمَّا تَوَجَّهَ فَرْوَةُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ قَالَ:

لَمَّا رَأَيْتُ مُلُوكَ كِنْدَةَ أَعْرَضُوا ... كَالرَّجُلِ خَانَ الرَّجُلَ عِرْقُ نِسَائِهَا [٤]

يَمَّمْتُ [٥] رَاحِلَتِي أَؤُمُّ مُحَمَّدًا ... أَرْجُو فَوَاضِلَهَا وَحُسْنَ ثَرَائِهَا [٦]

قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: فَلَمَّا انْتَهَى إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وآله وَسَلَّمَ قَالَ لَهُ فِيمَا بَلَغَنَا: يَا فَرْوَةُ، هَلْ سَاءَكَ مَا أَصَابَ قَوْمُكَ يَوْمَ الرَّدْمِ؟ قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَمَنْ ذَا الَّذِي يُصِيبُ [٧] قَوْمُهُ مَا أَصَابَ قَوْمِي «يَوْمَ الرَّدْمِ» ولا يسوؤه! فقال رسول الله صلّى الله عليه وآله وَسَلَّمَ: أَمَا إِنَّ ذَلِكَ لَمْ يُزِدْ قَوْمَكَ في الإسلام إلا خيرا.


[١] رواية سيرة ابن هشام:
وإن تغلب فغير مغلبينا
[٢] في المطبوعة: «ظننا» . وهو خطأ، والمثبت عن السيرة: والطب: العادة.
[٣] سجال: تارة للإنسان، وتارة عليه.
[٤] النسا: عرق مستبطن في الفخذ. وهو مقصور، ومد هنا للشعر.
[٥] في السيرة: «قربت رحلي» .
[٦] قال ابن هشام في السيرة: أنشدنى أبو عبيدة:
أرجو فواضلها وحسن ثنائها.
[٧] في السيرة: «من ذا يصيب قومه مثل ما أصاب قومي يوم الردم لا يسوزه ذلك؟» .

<<  <  ج: ص:  >  >>