للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفيه نظر. والصحيح أنه لم يسلم، ومثله نسبه ابن الكلبي. وقيل: إنه أراد الإسلام لما هاجر النبي صلى الله عليه وسلم وأراد الإسلام، لقيه عبد الله بن أبي ابن سلول رأس المنافقين، فقال له: لقد لذت من حربنا كل ملاذ، مرة تحالف قريشا، ومرة تريد تتبع محمدا! فغضب أبو قيس وقال:

لا جرم لا اتبعته إلا آخر الناس. فزعموا أنه لما حضره الموت بعث إليه النبي صلى الله عليه وسلم فقال:

قل: لا إله إلا الله، اشفع لك بها يوم القيامة. فسمع يقولها. وقيل: إن أبا قيس سأل النبي صلى الله عليه وسلم: إلام تدعو؟ فذكر له، فقال: ما أحسن هذا! أنظر في أمري، وأعود إليك. فلقيه عبد الله بن أبي، فقال: من أين؟ فذكر له النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وقال: هو الذي كانت أحبار يهود تخبرنا عنه. وكاد يسلم، فقال له عبد الله: كرهت حرب الخزرج؟ فقال: والله لا أسلم إلى سنة. ولم يعد إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فمات قبل الحول، على رأس عشرة أشهر من الهجرة.

وقيل: إنه سمع عند الموت يوحد الله تعالى.

وروى حجاج، عن ابن جريج، عن عكرمة في قوله تعالى: وَلا تَنْكِحُوا ما نَكَحَ آباؤُكُمْ من النِّساءِ ٤: ٢٢ ... الآية، قال: نزلت في كبيشة بنت معن بن عاصم، وهي من الأوس، توفي عنها زوجها أبو قيس بن الأسلت، فجنح عليها ابنه، فنزلت هذه الآية فيها [١] .

وقال عدي بن ثابت: لما مات أبو قيس بن الأسلت خطب ابنه امرأة أبيه، فانطلقت إِلَى النَّبِيّ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فقالت: إن أبا قيس قد هلك، وإن ابنه من خيار الحي قد خطبني إلى نفسي، فقلت: ما أنا بالذي أسبق رسول الله صلى الله عليه وسلم. فسكت النبي صلى الله عليه وسلم فنزلت هذه الآية:

وَلا تَنْكِحُوا ما نَكَحَ آباؤُكُمْ من النِّساءِ ٤: ٢٢. فامرأته أول امرأة حرمت على ابن زوجها.

أخرجه أبو عمرو وأبو موسى، إلا أن أبا موسى اختصره، وجعل أبو عمر هذه القصة في زواج امرأة الأب في هذه الترجمة، ولم يذكر ترجمة «أبي قيس الأنصاري» التي تقدمت، جعل الاثنين واحدا. وأخرج أبو نعيم هذه القصة في ترجمة أبي قيس الأنصاري، ولم يذكر ابن الأسلت. وأخرج أبو موسى الترجمتين، ذكر في ترجمة ابن الأسلت أن جعفرا المستغفري قال: قال ابن جريج: قال عكرمة: نزلت فيه وفي امرأة أبيه «كبيشة بنت معن بن عاصم» :

لا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّساءَ كَرْهاً ٤: ١٩ ... الآية. وذكر في ترجمة أبي قيس الأنصاري قصة


[١] انظر ترجمة «كبيشة» فيما يأتى. وابن كثير عند تفسير الآية الثانية والعشرين من سورة النساء: ٢/ ٢١٤. والاستيعاب:
٤/ ١٧٣٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>