للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فلما توفي جاء الحسين إلى عائشة في ذلك فقالت: نعم وكرامة، فبلغ ذلك مروان وبني أمية فقالوا:

واللَّه لا يدفن هنالك أبداً. فبلغ ذلك الحسينَ فلبس هو ومن معه السلاح، ولبسه مروان، فسمع أبو هريرة فقال: واللَّه إنه لظلم، يمنع الحسن أن يدفن مع أبيه! واللَّه إنه لابن رسول اللَّه ، ثم أتى الحسين فكلمه وناشده اللَّه، وقال: أليس قد قال أخوك: إن خفت فردني إلى مقبرة المسلمين، ففعل، فحمله إلى البقيع.

ولم يشهده أحد من بني أمية إلا سعيد بن العاص، كان أميراً على المدينة، فقدمه الحسين للصلاة عليه، وقال: لولا أنها السنة لما قدمتك.

وقيل: حضر الجنازة أيضاً خالد بن الوليد بن عقبة ابن أبي معيط، سأل بني أمية فأذنوا له في ذلك، ووصى إلى أخيه الحسين، وقال له: لا أرى أن اللَّه يجمع لنا النبوة والخلافة، فلا يَسْتَخِفَّنَّك أهلُ الكوفة لُيخْرِجُوك.

قال الفضل بن دكين: لما اشتد المرض بالحسن بن علي جَزِع، فدخل عليه رجل فقال: يا أبا محمد، ما هذا الجزع! ما هو إلا أن تفارق روحُك جسدَك فتقدم على أبويك: علي وفاطمة، وجديك النبي وخديجة، وعلى أعمامك حمزة وجعفر، وعلى أخوالك القاسم والطيب والطاهر وإبراهيم، وعلى خالاتك: رقية وأم كلثوم وزينب، فَسُرِّيَ عنه. ولما مات الحسن أقام نساء بني هاشم عليه النوح شهراً، ولبسوا الحداد سنة.

أبو الحوراء: بالحاء المهملة، والراء.

أخرجه الثلاثة.

١١٦٦ - حُسَيل بن جَابِر

(ب د ع) حُسَيل (١) بن جَابِر بن رَبِيعة العَبْسي، والد حذيفة بن اليمان، وقد تقدم الكلام على نسبه في حذيفة ابنه، وهو حليف بني عبد الأشهل، من الأنصار، شهد هو وابناه: حذيفة وصفوان أحدا، مع النبي ، فقتل حسيل، قتله المسلمون خطأ.

أخبرنا عبيد اللَّه بن أحمد بن السمين بإسناده إلى يونس بن بكير، عن محمد بن إِسحاق، عن عاصم ابن عُمَر بن قتادة، عن محمود بن لبيد قال: لما خرج رسول اللَّه إلى أحد، رَفَع حسيل بن جابر، وهو اليمان، أبو حذيفة بن اليمان، وثابت بن وَقْش بن زعوراء في الآطام مع النساء والصبيان، وهما شيخان كبيران، فقال أحدهما لصاحبه: لا أبا لك، ما تنتظر؟ فو اللَّه ما بقي لواحد منا من عمره إلا مثل ظِمْء (٢) حِمار، إنما نحن هامة (٣) اليوم أو غداً، أفلا نأخذ أسيافنا ثم نلحق برسول اللَّه ، لعل اللَّه أن يرزقنا الشهادة مع رسول اللَّه ؟ فأخذا أسيافهما، ولحقا برسول اللَّه ، ودخلا في المسلمين ولا يعلم بهما، فأما ثابت بن وقش فقتله المشركون، وأما حُسَيل بن جابر فاختلفت عليه أسياف المسلمين، وهم


(١) في الإصابة: حسيل بالتصغير، ويقال: بالتكبير.
(٢) الظمء: مقدار ما يكون بين الشربتين، وخص الحمار لأنه أقل الدواب صبرا على الماء.
(٣) الهامة: كانوا يزعمون أنه يخرج من رأس القتيل طائر لا يزال يصيح: اسقوني اسقوني، حتى يؤخذ بثأره، فضربته العرب مثلا للموت.

<<  <  ج: ص:  >  >>