للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالَ لَهُ النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إني أحبك حبين، حبًا لقرابتك، وحبًا لما كنت أعلم من حب عمي إياك [١] » . وكان عقيل ممن خرج مَعَ المشركين إِلَى بدر مكرهًا، فأسر يومئذ، وكان لا مال لَهُ ففداه عمه الْعَبَّاس. ثُمَّ أتى مسلمًا قبل الحديبية، وهاجر إِلَى النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سنة ثمان، وشهد غزوة مؤتة، ثُمَّ رجع فعرض لَهُ مرض، فلم يسمع لَهُ بذكر فِي غزوة الفتح ولا حنين ولا الطائف. وَقَدْ أعطاه رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من خيبر مائة وأربعين وسقًا كل سنة [٢] .

وَقَدْ قيل: إنه ممن ثبت يَوْم حنين مَعَ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

وكان سريع الجواب المسكت للخصم، وله فِيهِ أشياء حسنة لا نطول بذكرها. وكان أعلم قريش بالنسب، وأعلمهم بأيامها، ولكنه كان مبغضًا إليهم، لأنَّه كَانَ يعد مساويهم.

وكانت لَهُ طنفسة [٣] تطرح لَهُ فِي مسجد رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ويجتمع النَّاس إِلَيْه فِي علم النسب وأيام العرب. وكان يكثر ذكر مثالب قريش، فعادوه لذلك، وقالوا فِيهِ بالباطل، ونسبوه فِيهِ إِلَى الحمق، واختلقوا عَلَيْهِ أحاديث مزورة، وكان مما أعانهم عَلَيْهِ مفارقته أخاه عليًا رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، ومسيره إِلَى معاوية بالشام، فقيل: إن معاوية قَالَ لَهُ يومًا: «هَذَا أَبُو يزيد لولا علمه بأني خير لَهُ من أخيه، لما أقام عندنا» . فَقَالَ عقيل: «أخي خير لي فِي ديني، وأنت خير لي فِي دنياي [٤] ، وَقَدْ آثرت دنياي، وأسأل اللَّه خاتمة خير بمنّه» .

وإنما سار إلى معاوية لأنه كان زوج خالته فاطمة بِنْت عتبة بْن رَبِيعة [٥] وَلِمَا:

أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدِ بْنُ أَبِي الْقَاسِمِ الدِّمَشْقِيُّ كِتَابَةً، أَخْبَرَنَا أَبِي قَالَ: قَرَأْتُ عَلَى أبى محمد عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَسَدِ بْنِ عَمَّارٍ، عَنْ عبد العزيز بن أحمد، أخبرنا عبد الوهاب بْنُ جَعْفَرِ بْنِ عَلِيٍّ، وَنَقَلْتُهُ مِنْ خَطِّهِ، حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ سَعِيدٍ الْعَوْصِيُّ، حَدَّثَنَا مَحْمُودُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْحَافِظُ، حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ حَسَّانٍ الضَّبِّيُّ، حَدَّثَنَا


[١] الاستيعاب، الترجمة ١٨٣٤: ٣/ ١٠٧٨. والطبقات الكبرى لابن سعد: ٤/ ٣٠.
[٢] الطبقات الكبرى لابن سعد: ٤/ ٢٠.
[٣] الطنفسة: البساط.
[٤] ينظر عيون الأخبار لابن قتيبة: ٢/ ١٩٧.
[٥] الّذي في كتاب نسب قريش ١٥٣، ٢٠٤ أن فاطمة بنت عتبة بن ربيعة كانت عند قرظة بن عبد عمرو بن نوفل، فهل خلف عليها عقيل بعد قرظة؟ وفي عيون الأخبار لابن قتيبة ٤/ ٦٠ أن بنت عتبة بن ربيعة كانت تحت عقيل، ولكنه لم يسمها.
هذا وأخت فاطمة هي هند بنت عتبة بن ربيعة أم معاوية.

<<  <  ج: ص:  >  >>