للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كَانَ عَبْد اللَّه من أصحاب الشجرة، يكنى أبا سَعِيد. وقيل: أَبُو عَبْد الرَّحْمَن. وقيل:

أَبُو زياد. سكن المدينة، ثُمَّ تحول إِلَى البصرة وابتنى بها دارًا، قرب الجامع.

وكان من البكّاءين الذين أنزل اللَّه، عزَّ وجلَّ فيهم: وَلا عَلَى الَّذِينَ إِذا مَا أَتَوْكَ لِتَحْمِلَهُمْ قُلْتَ: لا أَجِدُ مَا أَحْمِلُكُمْ عَلَيْهِ تَوَلَّوْا وَأَعْيُنُهُمْ تَفِيضُ من الدَّمْعِ ٩: ٩٢ [١] الآية.

وكان أحد العشرة الَّذِينَ بعثهم عُمَر إِلَى البصرة يفقهون النَّاس، وهو أول من أدخل من باب مدينة «تستر» [٢] ، لما فتحها المسلمون. وقَالَ عَبْد اللَّه بْن مغفل إني لآخذ بغصن من أغصان الشجرة التي بايع رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تحتها أظله بها، قَالَ: فبايعناه عَلَى أن لا نفر [٣] .

روى عَنِ النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أحاديث، روى عَنْهُ الْحَسَن الْبَصْرِيّ، وَأَبُو العالية، ومطرف ويزيد ابني عَبْد اللَّه الشخير، وعقبة بْن صهبان، وَأَبُو الوازع، ومعاوية بْن قُرَّة، وحميد بْن هلال وغيرهم.

أَخْبَرَنَا أَبُو الْفَضْلِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدِ الْقَاهِرِ، أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ بن جَعْفَرُ بْنُ أَحْمَدَ، أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ أَحْمَدَ الدَّقَّاقِ، أَخْبَرَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَحْمَدَ، حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُكْرَمٍ، حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ، حَدَّثَنَا كَهْمَسٌ، عَنِ ابْنِ بُرَيْدَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُغَفَّلٍ «أَنَّهُ رَأَى رَجُلا يَخْذِفُ [٤] ، فَقَالَ: لا تَخْذِفْ، فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى أَوْ: كَرِهَ- الْخَذْفَ لا أُحَدِّثُكَ بِهِ- أَوْ: لا أُحَدِّثُكَ أَبَدًا [٥] .

وتوفي عَبْد اللَّه بالبصرة سنة تسع وخمسين، وقيل: سنة ستين، أيام إمارة «ابْنُ زياد» بالبصرة، وصلى عَلَيْهِ أَبُو برزة الأسلمي، بوصية منه بذلك.

أخرجه الثلاثة.


[١] التوبة: ٩٢. وينظر خبر البكاءين في سيرة ابن هشام، عند الحديث عن غزوة تبوك: ٢/ ٥١٨. وترجمة سالم بن عمير فيما مضى: ٢/ ٣١١.
[٢] تستر: أعظم مدينة بخوزستان.
[٣] الحديث رواه الإمام أحمد في مسندة، عن عبد الله بن المغفل ٥/ ٥٤، قال: «إني لآخذ بغصن من أغصان الشجرة أظل به النبي صلى الله عليه وسلم، وهم يبايعونه، فقالوا: نبايعك على الموت، قال: لا، ولكن لا تفروا.
[٤] الحذف: رميك حصاة أو نواة، تأخذها بين سبابتيك، وترمى بها
[٥] الحديث رواه الإمام أحمد عن وكيع: ٤/ ٨٦، وعن محمد بن جعفر: ٥/ ٥٦. بإسناديهما عن كهمس، ونسوق هنا رواية محمد بن جعفر فهي أقرب إلى الرواية التي ذكرها ابن الأثير، وهي موضحة لها شارحة لما خفي من بعض تراكيبها، «عن ابن مفضل قال: رأى رجلا من أصحابه يخذف، فقال: لا تخذف، فإن نَّبِيَّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يكره الحذف- أو قال: ينهى عنه، كهمس يقول ذاك- فإنّها لا ينكأ بها عدو، ولا يصاد بها صيد، ولكنها تفقأ العين، وتكسر السن.
ثم رآه بعد ذلك يخذف، فقال: أخبرك أَنَّ نَبِيَّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان ينهى عن الخذف- أو يكرهه- ثم أراك تخذف، لا أكلمك كلمة كذا وكذا»

<<  <  ج: ص:  >  >>