للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال هشام بْن عروة: أوصى إِلَى الزبير سبعة من أصحاب النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم منهم: عثمان، وعبد الرحمن ابن عوف، والمقداد، وابن مسعود، وغيرهم. وكان يحفظ عَلَى أولادهم مالهم، وينفق عليهم من ماله.

وشهد الزبير الجمل مقاتلًا لعلي، فناداه علي ودعاه، فانفرد به وقال له: أتذكر إذ كنت أنا وأنت مع رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فنظر إلي وضحك وضحكت فقلت أنت: لا يدع ابن أَبِي طالب زهوه فقال:

ليس بمزه، ولتقاتلنه وأنت له ظالم، فذكر الزبير ذلك، فانصرف عَنِ القتال، فنزل بوادي السباع! وقام يصلي فأتاه ابن جرموز فقتله؟ وجاء بسيفه إِلَى علي فقال: إن هذا سيف طالما فرج الكرب عَنْ رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم قال: بشر قاتل ابن صفية بالنار.

وكان قتله يَوْم الخميس لعشر خلون من جمادى الأولى من سنة ست وثلاثين، وقيل: إن ابن جرموز استأذن عَلَى علي، فلم يأذن له، وقال للآذن: بشّره بالنار: فقال:

أتيت عليا برأس الزبير ... أرجو لديه به الزلفه

فبشر بالنار إذ جئته ... فبئس البشارة والتحفه

وسيان عندي قتل الزبير ... وضرطة عنز بذي الجحفه

وقيل: إن الزبير لما فارق الحرب وبلغ سفوان [١] أتى إنسان إِلَى الأحنف بْن قيس فقال: هذا الزبير قد لقي بسفوان. فقال الأحنف: ما شاء اللَّه؟ كان قد جمع بين المسلمين حتى ضرب بعضهم حواجب بعص بالسيوف، ثم يلحق ببيته وأهله! فسمعه ابن جرموز، وفضالة بْن حابس ونفيع، في غواة بني [٢] ، تميم، فركبوا، فأتاه ابن جرموز من خلفه فطعنه طعنة خفيفة، وحمل عليه الزبير، وهو على فرس له يقال له: ذو الخمار، حتى إذا ظن أَنَّهُ قاتله، نادى صاحبيه، فحملوا عليه فقتلوه.

وكان عمره لما قتل سبعًا وستين سنة، وقيل: ست وستون، وكان أسمر ربعة معتدل اللحم خفيف اللحية.

وكثير من الناس يقولون: إن ابن جرموز قتل نفسه لما قال له علي: بشر قاتل ابن صفية بالنار وليس كذلك، وَإِنما عاش بعد ذلك حتى ولي مصعب بْن الزبير البصرة فاختفى ابن جرموز، فقال مصعب: ليخرج فهو آمن، أيظن أني أقيده [٣] بأبي عَبْد اللَّهِ- يعني أباه الزبير- ليسا سواء. فظهرت المعجزة بأنه من أهل النار، لأنه قتل الزبير، رضي اللَّه عنه، وقد فارق المعركة، وهذه معجزة ظاهرة.

أخرجه الثلاثة.

١٧٣٣- الزبير بن أبى هالة

(د ع) الزبير بْن أَبِي هالة. روى عِيسَى بْن يونس، عَنْ وائل بْن داود، عَنِ البهي، عَنِ الزبير قال: قتل النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رجلًا من قريش يَوْم بدر صبرًا، ثم قال: لا يقتلن بعد اليوم رجل من قريش صبرا.


[١] سفوان: ماء على قدر مرحلة من المربد بالبصرة.
[٢] في الأصل والمطبوعة: ونفيع بن غواة من تميم، والتصويب عن الاستيعاب: ٥١٦، وفي طبقات ابن سعد ٣- ١:
٧٨ ونفيع أو نفيل بن حابس.
[٣] يقال: أقاد الأمير القاتل بالقتيل: قتله به.

<<  <  ج: ص:  >  >>