للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مالك لم تفزع لأبي بكر وعمر كما فزعت لعثمان! فقال النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم: إن عثمان رجل حبىّ، وخشيت إن أذنت له، وأنا عَلَى حالتي تلك أن لا يبلغ في حاجته. وتوفي سَعِيد بْن العاص سنة تسع وخمسين، ولما حضرته الوفاة قال لبنيه: أيكم يقبل وصيتي؟ قال ابنه الأكبر: أنا يا أبه. قال: إن فيها وفاء ديني، قال: وما دينك؟ قال:

ثمانون ألف دينار. قال: وفيم أخذتها؟ قال: يا بني في كريم سددت خلته [١] ، وفي رجل جاءني ودمه ينزوي في وجهه من الحياء، فبدأته بحاجته قبل أن يسألنيها.

وانقطع عقب أَبِي أحيحة إلا من سَعِيد هذا، وقد قيل إن خَالِد بْن سَعِيد أعقب أيضًا، وقد تقدم ذكره.

أخرجه الثلاثة.

٢٠٨٣- سعيد بن عامر

(ب د ع) سَعِيد بْن عامر بْن حذيم [٢] بْن سلامان بْن ربيعة بْن سعد بْن جمح القرشي الجمحي.

هذا قول أهل النسب إلا ابن الكلبي، فإنه كان يجعل بين ربيعة وسعد بْن جمح «عريجًا» فيقول: سلامان بْن ربيعة بْن عريج بْن سعد، قال الزبير: هذا خطأ من الكلبي ومن كل من قاله لأن عريجًا لم يكن له ولد إلا البنات، وأم سَعِيد أروى بنت أَبِي معيط، أخت عقبة.

قيل: إن سعيدًا أسلم قبل خيبر، وهاجر إِلَى المدينة وشهد خيبر وما بعدها من المشاهد وكان من زهاد الصحابة وفضلائهم، ووعظ عمر بْن الخطاب يومًا، فقال له: ومن يقوى عَلَى ذلك؟ قال:

أنت يا أمير المؤمنين، إنما هو أن تقول فتطاع. وولاه عمر حمص فبلغه أَنَّهُ يصيبه لمم فأمره بالقدوم عليه، فلم ير معه إلا عكازًا وقدحًا، فقال له عمر: ليس معك إلا ما أرى؟ فقال له سَعِيد: وما أكثر من هذا؟ عكاز أحمل عليه زادي، وقدح آكل فيه، فقال له عمر: أبك لَمَمٌ؟

قال: لا. قال: فما غشية بلغني أنها تصيبك؟ قال: حضرت خبيب بْن عدي حين صلب، فدعا عَلَى قريش وأنا فيهم، فربما ذكرت ذلك، فأجد فترة حتى يغشى علي، فقال له عمر: ارجع إِلَى عملك، فأبى، وناشده إلا أعفاه، فقيل: إنه أعفاه، وقيل: إنه لما مات أبو عبيدة، ومعاد ويزيد ولاه عمر حمص، فلم يزل عليها حتى مات، وقيل: استخلفه عياض بْن غنم الفهري، فأقره عمر رضي الله عنه.


[١] الخلة: الحاجة والفقر.
[٢] في المطبوعة: خذيم.

<<  <  ج: ص:  >  >>