للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأخبرنا أبو جعفر بإسناده إلى يونس عن ابن إسحاق قال: فدفع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أمه، فالتمست له الرضعاء، واسترضع له من حليمة بنت أبي ذؤيب: عبد الله بن الحارث بن شجنة ابن جابر بن رزام بن ناصرة [بن فصية بْن نصر [١]] بْن سعد بْن بكر بْن هوازن.

وهي أم رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من الرضاعة. روى عنها عبد الله بن جعفر بن أبي طالب.

أخبرنا عبيد الله بن أحمد البغدادي بإسناده عن يونس، عن ابن إسحاق قال: حدثني جهم بن أبي الجهم مولى لامرأة من بني تميم، كانت عند الحارث بن حاطب، وكان يقال: مولى الحارث بن حاطب- قال: حدثني من سمع عبد الله بن جعفر بن أبي طالب يقول: حدثت عن حليمة بنت الحارث أم رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ التي أرضعته أنها قالت: قدمت مكة في نسوة من بني سعد بن بكر نلتمس الرّضعاء في في سنة شهباء، فقدمت على أتان قمراء [٢] كانت أذمت [٣] بالركب، ومعي صبي لنا وشارف [٤] لنا، والله ما ننام ليلنا ذلك أجمع مع صبينا ذاك، ما يجد في ثديي ما يغنيه، ولا في شارفنا ما يغذيه.

فقدمنا مكة فو الله ما علمت منا امرأة إلا وقد عرض عليها رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَإِذَا قيل: يتيم، تركناه، وقلنا: «ماذا عسى أن تصنع إلينا أمه! إنما نرجو المعروف من أب الولد، فأما أمه فماذا عسى أن تصنع إلينا» فو الله ما بقي من صواحبي امرأة إلا أخذت رضيعا غيري، فلما لم أجد غيره قلت لزوجي الحارث بن عبد العزى: والله إني لأكره أن أرجع من بين صواحبي ليس معى رضيع، لأنطلقنّ إلى ذلك اليتيم فلآخذنه. فقال: لا عليك. فذهبت، فأخذته، فما هو إلا أن أخذته فجئت به رحلي، فأقبل علي ثدياي بما شاء من لبن، وشرب أخوه حتى روى، وقام صاحبي إلى شارفي تلك فإذا بها حافل، فحلب ما شرب، وشربت حتى روينا فبتنا بخير ليلة، فقال لي صاحبي: يا حليمة، والله إني لأراك أخذت نسمة مباركة ... الحديث، وذكر فيه من معجزاته ما هو مشهور به صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ [٥] .

أَخْبَرَنَا أَبُو الْفَضْلِ بْنُ أَبِي الْحَسَنِ الْفَقِيهُ بِإِسْنَادِهِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ عَلِيِّ بْنِ الْمُثَنَّى قال: حدثنا


[١] ما بين القوسين عن سيرة ابن هشام، من قول ابن إسحاق ١/ ١٦٠، ولعله سقط نظر.
[٢] الأتان: أنثى الحمار، والقمرة- بضم فسكون-: بياض فيه كدرة.
[٣] في المطبوعة والمصورة: «أدمت» ، بالدال المهملة. ومثله في سيرة ابن هشام. ويقول ابن الأثير في النهاية فلقد أذمت بالركب: أي حبستهم لضعفها وانقطاع سيرها» .
[٤] الشارف: الناقة المسنة.
[٥] سيرة ابن هشام: ١/ ١٦٢- ١٦٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>