للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قلت: لا خلاف في أن هذا عثمان ليست لَهُ صحبة، لأن أباه قتل يَوْم الجمل سنة ست وثلاثين وهو شاب، وكان مولده آخر أيام رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فيكون ابنه فِي حجة الوداع ممن يناظر فِي الأحكام الشرعية؟. هَذَا لا يصح، وقد سقط فيه شيء. والله أعلم.

٣٥٨٨- عثمان بن مظعون

(ب د ع) عثمان بْن مظعون بْن حبيب بْن وهب بْن حذافة بْن جمح بْن عمرو بْن هصيص ابن كعب بْن لؤي بْن غالب الْقُرَشِيّ الجمحي. يكنى أبا السائب، أمه سخيلة بِنْت العنبس ابن أهبان بْن حذافة بْن جمح، وهي أم السائب وعبد اللَّه ابني مظعون [١] .

أسلم أول الْإِسْلَام، قَالَ ابْنُ إِسْحَاق: أسلم عثمان بْن مظعون بْعد ثلاثة عشر رجلًا، وهاجر إِلَى الحبشة هُوَ وابنه السائب الهجرة الأولى مَعَ جماعة من المسلمين، فبلغهم وهم بالحبشة أن قريشًا قَدْ أسلمت فعادوا.

أَخْبَرَنَا أَبُو جَعْفَر بْن السمين بِإِسْنَادِهِ إِلَى يونس بن بكير عَنِ ابْنِ إِسْحَاق قَالَ: فلما بلغ من بالحبشة سجود أهل مكَّة مَعَ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أقبلوا ومن شاء اللَّه منهم، وهم يرون أنهم قَدْ تابعوا النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. فلما دنوا من مكَّة بلغهم الأمر فثقل عليهم أن يرجعوا، وتخوفوا أن يدخلوا مكَّة بغير جوار، فمكثوا حتَّى دخل كل رَجُل منهم بجوار من بعض أهل مكة، وقدم عثمان ابن مظعون بجوار الْوَلِيد بْن المغيرة [٢] .

قَالَ ابْنُ إِسْحَاق: فحدثني صَالِحُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عوف، عَنْ أَبِيهِ، عمن حدثه قَالَ: لما رَأَى عثمان ما يلقى رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأصحابه من الأذى، وهو يغدو ويروح بأمان الْوَلِيد بْن المغيرة، قال عثمان: والله إن عدوّى ورواحي آمنًا بجوار رَجُل من أهل الشرك، وأصحابي وأهل بيتي [٣] يلقون البلاء والأذى فِي اللَّه ما لا يصيبني- لنقص شديد فِي نفسي.

فمضى إِلَى الْوَلِيد بْن المغيرة فَقَالَ: يا أبا عَبْد شمس، وفت ذمتك، قَدْ كنت فِي جوارك، وَقَدْ أحببت أن أخرج مِنْهُ إِلَى رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فلي بِهِ وأصحابه أسوة، فَقَالَ الْوَلِيد: فلعلك- يا ابْنُ أخي- أوذيت أَوْ انتهكت؟ قَالَ: لا، ولكن أرضى بجوار اللَّه، ولا أريد أن أستجير بغيره! قَالَ: فانطلق إِلَى المسجد، فاردد عَلَى جواري علانية كما أجرتك علانية! فقال: انطلق،


[١] كتاب نسب قريش: ٣٩٣، ٣٩٤.
[٢] ينظر سيرة ابن هشام: ١/ ٣٦٤، ٣٦٩.
[٣] في السيرة: «وأهل ديني» .

<<  <  ج: ص:  >  >>