للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قال: فهو له. قال لا أريد ذاك. قال فاختر إن شئت فهو له، وإن كرهت ذلك فله فيه نَظِرَةٌ ما شئت، وإن لم ترد ذلك فبعني من ماله ما شئت. قال: أبيعك ولكن أُقوِّم. فَقَوَّم الأموال ثم أتاه فقال: أُحِبُّ أن لا يحضرني وإياك أحد. قال: فانطَلِقْ. فمضى معه فأعطاه حراباً وشيئاً لا عمارة فيه وقَوَّمه عليه، حتى إذا فرغ قال عبد اللَّه بن جَعفر لغلامه: ألق لي في هذا الموضع مصلى. فألقى له في أغلظ موضع من تلك المواضع مُصَلَّى، فصلى ركعتين وسجد فأطال السجود يدعو، فلما قضى ما أراد من الدعاء قال لغلامه: احفر في موضع سجودي فحفر، فإذا عين قد أَنْبَطَها (١)، فقال له ابن الزبير: أقلني، قال: أمَّا دعائي وإجابةُ اللَّه إيَّاي فلا أُقِيلُك فصار ما أخذ منه أعمر مما في يد ابن الزبير.

وأخباره في جوده وحلمه وكرمه كثيرة لا تُحْصَى، وتوفي سنة ثمانين، عام الجُحَافِ بالمدينة، وأمير المدينة أبَان بن عثمان لعبد الملك بن مَرْوان، فحضر غُسْلَ عبد اللَّه وكَفّنه، والولائد خلف سريره قد شققن الجيوب، والناس يزدحمون على سريره، وأبان بن عثمان قد حمل السرير بين العمودين، فما فارقه حتى وضعه بالبقيع، وإن دُمُوعَه لتسيل على خديه، وهو يقول: كنتَ واللَّه خيراً لا شرًّ فيك، وكنت واللَّه شريفاً واصلاً بَرًّا.

وإنما سمى عام الجحاف لأنه جاءَ سيل عظيم ببطن مكة جَحَف (٢) الحاجَّ وذهب بالإبلِ عليها أحمالُها، وصلَّى عليه أبانُ بن عثمان. ورُئي على قبره مكتوب:

مُقِيمٌ إلى أنْ يَبْعَثَ اللَّه خَلْقَه … لِقَاؤكَ لَا يُرْجَى وَأَنْتَ قَرِيبُ

تَزِيدُ بِلى في كُلِّ يَوْمٍ وليلة … وتُنْسَى كما تَبْلَى وأنتَ حَبِيبُ

وقيل: توفي سنة أربع أو خمس وثمانين، والأولُ أكثر، قال المدائني كان عمره تسعين سنة، وقيل: إحدى، وقيل: اثنان وتسعون سنة.

أخرجه الثلاثة.

٢٨٦٣ - عَبْدُ اللَّه أبو جَمْرَة اليَرْبُوعِي

عَبْدُ اللَّه أبو جَمْرَة (٣) اليَرْبُوعِي. رَوَتْ عنه ابنتهُ جَمْرة (٣) - ولها أيضاً صحبة - قالت: ذهب بي أبي إلى رسول اللَّه فقال: ادعُ لبنتي هذه بالبركة. قالت: فأجلسنى في حجره تم وضع يده على رأسي.


(١) أقبط الحفار: بلغ الماء في البئر.
(٢) جحفه: جرفه.
(٣) في المطبوعة: حمزة. وهو خطأ، وستأتي ترجمتها.

<<  <  ج: ص:  >  >>