للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كان إسلامه قديما أول الإسلام، حين أسلم سَعِيد بْن زَيْد وزوجته فاطمة بْنت الخطاب، وذلك قبل إسلام عُمَر بْن الخطاب بزمان.

رَوَى الأَعْمَشُ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: قَالَ عَبْدُ اللَّهِ: لَقَدْ رَأَيْتُنِي سَادِسَ سِتَّةٍ، مَا عَلَى ظَهْرِ الأَرْضِ مُسْلِمٌ غَيْرَنَا [١] .

وكان سببُ إسلامه ما أَخْبَرَنَا بِهِ أَبُو الفضل الطبري الْفَقِيهُ بِإِسْنَادِهِ إِلَى أَبِي يَعْلَى أَحْمَدَ بْنِ علي قال: حَدَّثَنَا الْمُعَلَّى بْنُ مَهْدِيٍّ، حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ بَهْدَلَةَ، عَنْ زِرٍّ [٢] عَنْ عبد الله ابن مسعود قال: كُنْتُ غُلامًا يَافِعًا فِي غَنَمٍ لِعُقْبَةَ بْنِ أَبِي مُعَيْطٍ. أَرْعَاهَا، فَأَتَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَعَهُ أَبُو بَكْرٍ، فَقَالَ: يَا غُلامُ، هَلْ مَعَكَ مِنْ لَبَنٍ؟ فَقُلْتُ: نَعَمْ، ولكنى مؤتمن! فقال: ائتني بشاة لم ينزل عَلَيْهَا الْفَحْلُ. فَأَتَيْتُهُ بِعَنَاقٍ- أَوْ جَذَعَةٍ- فَاعْتَقَلَهَا رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فجعل يَمْسَحُ الضَّرْعَ وَيَدْعُو حَتَّى أَنْزَلَتْ، فَأَتَاهُ أَبُو بَكْرٍ بِصَخْرَةٍ [٣] فَاحْتَلَبَ فِيهَا، ثُمَّ قَالَ لأَبِي بكر: اشرب.

فشرب أبو بكر، ثم شر، النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْدَهُ، ثُمَّ قَالَ لِلضَّرْعِ: اقْلِصْ [٤] . فَقَلَصَ فَعَادَ كَمَا كَانَ، ثُمَّ أَتَيْتُ فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، عَلِّمْنِي مِنْ هَذَا الْكَلامِ- أَوْ مِنْ هَذَا الْقُرْآنِ- فَمَسَحَ رَأْسِي وَقَالَ: إِنَّكَ غُلامٌ مُعَلَّمٌ. قَالَ: فَلَقَدْ أَخَذْتُ مِنْهُ سَبْعِينَ سُورَةً، مَا نَازَعَنِي فِيهَا بِشَرٍّ. وَهُوَ أَوَّلُ مَنْ جَهَرَ بِالْقُرْآنِ بمكة:

أخبرنا عبيد الله بن أحمد بإسناده [٥] ، عن يونس بن بكير، عن محمد بن إسحاق قَالَ:

حَدَّثَنِي يَحْيَى بْن عُرْوَةَ بْن الزُّبَيْرِ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: كَانَ أَوَّلَ مَنْ جَهَرَ بِالْقُرْآنِ بِمَكَّةَ بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ، اجْتَمَعَ يَوْمًا أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالُوا: وَاللَّهِ مَا سَمِعَتْ قُرَيْشٌ هَذَا الْقُرْآنَ يُجْهَرُ لَهَا بِهِ قَطُّ، فَمَنْ رَجُلٌ يُسْمِعُهُمْ؟ فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ: أَنَا. فَقَالُوا:

إِنَّا نَخْشَاهُمْ عَلَيْكَ، إِنَّمَا نُرِيدُ رَجُلا لَهُ عَشِيرَةٌ تَمْنَعُهُ مِنَ الْقَوْمِ إِنْ أَرَادُوهُ! فَقَالَ: دَعُونِي، فَإِنَّ اللَّهَ سَيَمْنَعُنِي. فَغَدَا عَبْدُ اللَّهِ حَتَّى أَتَى الْمَقَامَ فِي الضُّحَى وَقُرَيْشٌ في أنديتها، حتى قام عند المقام،


[١] أخرجه الحاكم في مستدركه، من طريق الأعمش، في كتاب معرفة الصحابة ٣/ ٣١٢، وقال: «صحيح ولم يخرجاه» .
[٢] في المطبوعة: «عن دد» . وهو خطأ فاحش. وزر بن حبيش يروى عن عبد الله بن مسعود، ويروى عنه عاصم بن بهدلة. ينظر الجرح والتعديل، ١/ ٢/ ٦٢٢، والتهذيب: ٣/ ٣٢١.
[٣] في المطبوعة: «بصحوة» وهي كلمة محرفة. والصواب ما أثبتناه عن الأصل، وفي مسند الإمام أحمد عن عبد الله بن مسعود ١/ ٤٦٢: «ثم أتاه أبو بكر رضى الله عنه بصخرة منقعرة فاحتلب فيها» .
[٤] اقلص: اجتمع.
[٥] رواه الإمام أحمد في مسند عبد الله بن مسعود في موضعين: أو لهما: ١/ ٣٧٩ عن أبى بكر عن عاصم بإسناده، وثانيهما: ١/ ٤٦٢ عن عفان عن حماد بن سلمة عن عاصم أيضا بإسناده. وهذه الرواية الثانية أقرب إلى النص الّذي معه.

<<  <  ج: ص:  >  >>