للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وإنما قال ذلك لأنّه كان شديدا على عثمان .

وقال على لما بلغه مسير طلحة والزبير وعائشة: «منيت بأربعة: أدهى الناس وأسخاهم طلحة، وأشجع الناس الزبير، وأطوع الناس في الناس عائشة، وأكثر الناس غنى يعلى بن منية، واللَّه ما أنكروا على شيئا، ولا استأثرت بمال، ولا ملت بهوى، وإنهم يطلبون حقا تركوه، ودما سفكوه، ولقد ولوه دوني، وإن كنت شريكهم في الإنكار لما أنكروه، وما تبعة عثمان إلا عندهم، بايعوني ونكثوا بيعتي وما استأنوا (١) في حتى يعرفوا جوري من عدلي، وإني لراض بحجّة اللَّه عليهم وعلمه فيهم، وإني مع هذا لداعيهم ومعذر إليهم، فإن قبلوه فالتوبة مقبولة، والحق أولى ما انصرف إليه، وإن أبو أعطيتهم حدّ السيف، وكفى به شافيا من باطل وناصرا».

وروى عن علي أنه قال: إني لأرجو أن أكون أنا وطلحة وعثمان والزبير ممن قال اللَّه فيهم:

﴿وَنَزَعْنا ما فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ إِخْواناً عَلى سُرُرٍ مُتَقابِلِينَ (٢)﴾.

وكان سبب قتل طلحة أن مروان بن الحكم رماه بسهم في ركبته، فجعلوا إذا أمسكوا فم الجرح انتفخت رجله، وإذا تركوه جرى، فقال: دعوه فإنما هو سهم أرسله اللَّه تعالى، فمات منه. وقال مروان: لا أطلب بثأري بعد اليوم، والتفت إلى أبان بن عثمان، فقال: قد كفيتك بعض قتلة أبيك.

ودفن إلى جانب الكلإ.

وكانت وقعة الجمل لعشر خلون من جمادى الآخرة سنة ست وثلاثين، وكان عمره ستين سنة، وقيل: اثنتان وستون سنة، وقيل: أربع وستون سنة.

وكان آدم حسن الوجه كثير الشعر، ليس بالجعد القطط. ولا بالسّبط (٣)، وكان لا يغير شيبة، وقيل: كان أبيض يضرب إلى الحمرة، مربوعا، إلى القصر أقرب، رحب الصدر، عريض المنكبين، إذا التفت التفت جميعا، ضخم القدمين.

قال الشعبي: لما قتل طلحة ورآه عليّ مقتولا جعل يمسح التراب عن وجهه، وقال عزيز عليّ، أبا محمد، أن أراك مجدّلا تحت نجوم السماء ثم قال: إلى اللَّه أشكو عجرى وبجرى (٤)، وترحم


(١) في المطبوعة: استبانوا.
(٢) الحجر: ٤٧.
(٣) السبط من الشعر. المنبسط المسترسل، والقطط: الشديد الجعودة، أي كان شعره وسطا بينهما، وكذا وصف به شعر النبي .
(٤) أي: همومي وأحزانى.

<<  <  ج: ص:  >  >>