للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

إذَا أدْنَيْتِني (١) وحَمَلْتِ رَحْلِي … مسيرةَ أرْبَعٍ بعد الحِسَاء

فشَأْنُكِ فانعَمِي (٢) وخَلَاكِ ذَمٌّ … ولا أَرْجِعْ إلى أهلِي وَرَائِي

وجاءَ المؤمنون وغادَرُونِي … بأرض الشام مشهور (٣) الثَّوَاءِ

ورَدَّكِ كلُّ ذي نسَبٍ قريب … إلى الرحمن منقطعَ الإخَاء

هُنَالِكَ لا أُبَالِي طَلْعَ بَعْلِ (٤) … ولا نَخْلٍ أَسافُلُهَا رِوَاء

فلما سمعه زيد بكى، فخفقه بالدرّة وقال: ما عليك يا لكع أن يرزقني اللَّه الشهادة وترجع بين شعبتي (٥) الرحل! ولزيد يقول عبد اللَّه بن رواحة:

يا زيدُ زيدَ اليَعْمَلَاتِ الذُّبَّلِ (٦) … تطاول الليلُ هُدِيتَ فَانْزِل

يعني: انزل فَسُقْ بالقوم.

قال: وحدثنا ابن إسحاق، حدثني محمد بن جعفر بن الزبير، عن عروة بن الزبير قال:

أمَّرَ رسول اللَّه على الناس يوم مؤتة زيدَ بن حارثة، فإن أُصيب فجعفر بن أبي طالب، فإن أُصيب جعفر فعبد اللَّه بن رواحة، فإن أُصيب عبد اللَّه فليرتض المسلمون رجلاً فليجعلوه عليهم.

فتجهز الناس وتهيئوا للخروج، فودع الناسُ أُمراءَ رسول اللَّه وسلموا عليهم، فلما وَدَّع.

الناسُ أُمراءَ رسول اللَّه وسلموا عليهم، وودعوا عبد اللَّه بن رواحة بكى. قالوا: ما يبكيك يا ابن رواحة؟ فقال: أما واللَّه ما بي حبُّ الدنيا ولا صَبابَة إليها، ولكني سمعت رسول اللَّه يقرأَ: ﴿وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وارِدُها كانَ عَلى رَبِّكَ حَتْماً مَقْضِيًّا﴾ (٧) فلست أدري كيف لي بالصدَرِ بعد الوُرُود؟ فقال المسلمون: صَحِبَكم اللَّه وردَّكم إلينا صالحين ودفع (٨) عنكم. فقال ابن رواحة:


(١) في السيرة: إذا أديتنى. والحساء: موضع
(٢) في السيرة: فشأنك أنعم. يريد أنه لا يكلفها سفرا بعد ذلك، وإنما تنعم مطلقة، لعزمه على الموت في سبيل اللَّه ولا أرجع: دعاء، فهو يدعو على نفسه أن يستشهد في سبيل اللَّه.
(٣) في السيرة: مشتهى الثواء. والثواء: موضع.
(٤) البعل: الّذي يشرب بعروقه من الأرض. والبيت في اللسان وتاج العروس، مادة بعل، وروايته فيهما:
هنالك لا أبالي نخل بعل … ولا سقى وإن عظم الإناء
(٥) شعبتا الرحل: طرفاه المقدم والمؤخر.
(٦) اليعملة: الناقة السريعة. والذيل: التي أضعفها السير.
(٧) مريم: ٧١
(٨) في المطبوعة: ورفع إليكم. وفي الأصل: ودفع إليكم. والمثبت عن سيرة ابن هشام: ٢/ ٣٧٤، ومعنى دفع عنكم:
أبعد عنكم الشر.

<<  <  ج: ص:  >  >>