للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قال أبو بكر: «فقدمت مكة، وقد بُعِث النبي ، فجاءَني عقبة بن أبي مُعَيْط، وشَيْبَة، ورَبيعة، وأبو جَهْل، وأبو البختريّ، وصناديد قريش، فقلت لهم: هل نابتكم نائبة.

أو ظهر فيكم أمرٌ؟ قالوا: يا أبا بكر، أعظم الخَطْب: يتيم أبي طالب يزعم أنه نبي، ولولا أنت ما انتظرنا به، فإذ قد جئت فأنت الغاية والكفاية. قال أبو بكر: فصرفتهم على أحسن مَسَ وسألت عن النبي ، فقيل: في منزل خديجة. فقرعتُ عليه البابَ، فخرج إلي.» فقلت: يا محمد، فقدت من منازل أهلك، وتركت دين آبائك وأجدادك؟.

قال: يا أَبا بكر، إني رسولُ اللَّه إليك وإلى الناس كلِّهم، فآمِنْ باللَّه. فقلت: ما دليلك على ذلك؟ قال: الشيخ الذي لقيت باليمن. قلت: وكم من شيخ لقيت باليمن؟ قال: الشيخ الذي أفادك الأبيات.

قلت: ومن خَبَّرَكَ بهذا يا حبيبي؟ قال: المَلَكُ المعظم الذي يأتي الأنبياءَ قبلي. قلت: مُدَّ يَدَك، فأنا أشهد أن لا إله إلا اللَّه، وأنك رسول اللَّه.

قال أبو بكر: فانصرفت وما بين لَابَتَيْها (١) أشد سُروراً من رسول اللَّه بإسلامي»:

أخبرنا غير واحد إجازة قالوا: أخبرنا أبو غالب بن البناء، أخبرنا أبو محمد الجوهري، أخبرنا عُبيد اللَّه بن عبد الرحمن بن محمد، حدثنا محمد بن هارون بن حميد بن المُجَدَّر، حدثنا محمد بن حُمَيد، حدثنا عبد الرحمن بن مغراءَ، عن مجالد، عن الشعبي قال: سألت ابن عباس: من أول من أسلم؟ قال: أبو بكر، أما سمعت قول حسان (٢):

إذا تَذَكَّرْت شَجْواً من أخي ثِقَة … فاذكر أخاك أبَا بَكْر بِمَا فَعَلا (٣)

خَيْرَ البريةِ أَتقاها وأعدلَها (٤) … بعد النبي وأوفَاها بما حَمَلا

الثَّاني التَّالي المحمودَ مَشْهَدُه (٥) … وأوّل الناس (٦) منْهُمْ صَدَّق الرُّسُلَا

أخبرنا يحيى بن محمود بن سعد إجازة بإسناده إلى أبي بكر بن الضحاك بن مَخْلَد، قال:

حدثني محمد بن مصفى، حدثنا الوليد بن مسلم، حدثنا عبد اللَّه بن العلاء، حدثني أبو سلّام


(١) اللابة: الحرة، وهي الأرض ذات الحجارة السود، والمدينة بين حرتين عظيمتين.
(٢) ديوان حسان: ٢٤٠.
(٣) الشجو: الهم والحزن. أي: إذا تذكرت من أخيك ما يحزنك، فاذكر أبا بكر، فإنه لم يصدر منه ما يحزن، بل ما يسلى ويفرح.
(٤) في الديوان: وأرأفها. وهذا البيت في الديوان في آخر الأبيات.
(٥) في الديوان: المحمود شيمته.
(٦) في الديوان: وأول الناس طرا …

<<  <  ج: ص:  >  >>