للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَأَنَّى تُعَاطِي قلبَه حارِثيَّةٌ؟ … تُدَمِّنُ (١) بُصْرى أو تَحُلُّ الجَوابِيَا

وأنَّى تُلَاقِيهَا؟ بَلَى! وَلَعَلَّهَا … إنِ الناسُ حَجُّوا قَابِلاً أنْ تُوَافِيَا

قال: فلما بعث عمرُ بنُ الخطاب جيشَه إلى الشام قال لصاحب الجيش: إن ظفرت بليلى ابنة الجُودِيّ عنْوة، فادفعها إلى عبد الرحمنِ بن أبي بكر، فظفر بها، فدفعها إليه فأُعْجِب بها وآثرها على نسائه، حتى شَكَيْنه إلى عائشة، فعاتبته على ذلك، فقال: واللَّه لكأني أرْشُفُ من ثَنَايَاها حَبَّ الرُّمَّان! ثم إنه جفاها حتى شكته إلى عائشة، فقالت له عائشة: يا عبد الرحمن، أحببتَ لَيْلَى فأفْرَطْت، وأبْغَضْتَها فأفْرَطْت، فإما أن تنصفها وإما أنْ تُجَهِّزها إلى أهْلِها! فجهَّزَها إلى أهلها وكانت غسانية.

وشهد وقعة الجَمَل مع أُختِه عائشة.

أخبرنا [أبو] (٢) محمد بن أبي القاسم الدمشقي إذنا، أخبرنا أبى، حدثنا أبو القاسم ابن السمرقندي، أَخبرنا أَبو الحسين بن النَّقُّور، أخبرنا عيسى بن علي، أخبرنا عبد اللَّه ابن محمد، حدثنا ابن عائشة، حدثنا حمَّاد بن سلمة، حدثنا محمد بن زياد: أن معاوية كتب إلى مَرْوان أن يبايع ليزيد بن معاوية، فقال عبد الرحمن: جئتم بها هِرَقْليَّة! تبايعون لأبنائكم؟! فقال مروان: يا أيها الناس، هذا الذي يقول اللَّه تعالى: ﴿وَالَّذِي قالَ لِوالِدَيْهِ أُفٍّ لَكُما﴾ (٣) إلى آخر الآية. فغضبت عائشة وقالت: واللَّه ما هو به، ولو شئت أن أُسَمِّيَه لسميته.

وروى الزبير بن بكار قال: حدثني إبراهيم بن محمد بن عبد العزيز الزهري، عن أبيه، عن جده قال: بعث معاوية إلى عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق بمائة ألف درهم، بعد أن أبي البيعة ليزيد بن معاوية، فردها عبد الرحمن وأبى أن يأخذها، وقال: لا أبيع ديني بدنياي! وخرج إلى مكة فمات بها، قبل أن تتم البيعة ليزيد. وكان موتُه فجأة من نَوْمَة نامها، بمكان اسمه حُبْشِيّ (٤) على نحو عشرة أميال من مكة، وحمل إلى مكة فدفن بها. ولما اتصل خبر موته بأُخته عائشة ظعنت إلى مكة حاجَّةً، فوقفت على قبره، فبكت عليه وتمثّلت (٥):


(١) دمن: حل ولزم.
(٢) سقط من الأصل، والمثبت عن المطبوعة، والعبر للذهبي: ٣١٤.
(٣) سورة الأحقاف، الآية: ١٧.
(٤) حبشي: جبل بأسفل مكة.
(٥) الكامل المبرد: ١١٩٨، والشعر والشعراء لابن قتيبة: ٣٣٨. والبيتان لمتمم بن نويرة من قصيدة طويلة، ومن أحسن ما قال.

<<  <  ج: ص:  >  >>