للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ولم يزل على اليمن حتى قتل علي، ، لكنه فارق اليمن لما سار «بُسْر بن أرطأة» إلى اليمن لقتل شِيعَة عَلِيّ. فلما رجع بسر إلى الشام عاد «عبيد اللَّه» إلى اليمن، وفي هذه الدَّفْعَة قتل «بسر» ولدي «عبيد اللَّه». وقد ذكرناه في «بسر».

وكان ينحر كل يوم جزوراً، فنهاه أخوه عبد اللَّه، فلم ينته. ونحر كل يوم جزورين، وكان هو و- أخوه عبد اللَّه، ، إذا قدما المدينة أوسعهم عبد اللَّه علما، وأوسعهم عُبَيْدُ اللَّه طعاماً.

أخبرنا أبو محمد بن أبي القاسم، أخبرنا أبي، أخبرنا أبو القاسم بن السمرقندي، أخبرنا حمزة بن عليّ بن محمد ومحمد بن محمد بن أحمد قالا: حدثنا أبو الفرج العِضاري (١)، حدثنا أبو محمد بن جعفر بن محمد الخوّاص، حدثنا أبو العباس أحمد بن محمد، حدثني عبد اللَّه ابن مروان بن معاوية الفزازى، حدثني محمد بن الوليد أبو الحجاج الفَزَاري: أن عبيد اللَّه ابن العباس خرج في سفر له، ومعه مولى له، حتى إذا كان في بعض الطريق، رُفع لهما بيت أعرابي، قال: فقال لمولاه: لو أنَّا مضينا فنزلنا بهذا البيت وبتْنا به؟! قال: فمضى، [قال]:

وكان عبيد اللَّه رجلاً جميلاً جَهِيراً، فلما رآه الأعرابي أعظمه وقال، لامرأته: لقد نزل بنا رجل شريف! وأنزله الأعرابي، ثم إن الأعرابي أتى امرأته فقال: هل من عشاءٍ لضيفنا هذا؟ فقالت:

لا، إلا هذه السُّوَيمة (٢) التي حياةُ ابنتِكَ من لبنها: قال: لا بد من ذبحها! قالت: أفتقتل ابنتك؟ قال: وإنْ! قال: ثم إنه أخذ الشاة والشَّفْرةِ وجعل يقول:

يا جارتي لا تُوقِظي البُنَيَّهُ … إنْ تُوقِظِيها تَنْتَحِبْ عَلَيَّهْ

وَتَنْزِعِ الشَّفْرَةَ مِنْ يَدَيَّهْ

ثم ذبح الشاة، وهيأ منها طعاماً، ثم أتى به عبيدَ اللَّه ومَوْلَاه، فعَشَّاهما وعبيد اللَّه يسمع كلام الأعرابي لامرأته ومحاورتهما، فلما أصبح عبيدُ اللَّه قال لمولاه: هل معك شيءٌ؟ قال: نعم، خمسمائة دينار فضلت من نفقتنا. قال: ادفعها إلى الأعرابي. قال: سبحان اللَّه! أتعطيه خمسمائة دينار وإنما ذبح لك شاة ثَمَنَ خَمْسَةِ دراهم؟ قال: وَيْحَك! واللَّه لهو أسخى منا وأجود، إنما أعطيناه بعض ما نملك، وجاد هو علينا وآثرنا على مهجة نفسه وولده. قال: فبلغ ذلك معاوية، فقال: للَّه دَرُّ عُبَيْدِ اللَّه! من أيِّ بَيْضة خَرَجَ؟ ومن أي عُشَ درج؟.


(١) كذا في المخطوطة بهذا الضبط. وفي المطبوعة: القصارى.
(٢) في المطبوعة: «الشويهة». والمثبت عن المخطوطة، والسويمة: تصغير سائمة.

<<  <  ج: ص:  >  >>