للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وقال قتادة: هو أول مخضوب في الإسلام، وعاش بعد ابنه أبي بكر، وورثه. وهو أول من ورث خليفة في الإسلام، إلا أنه رَدَّ نصيبه من الميراث، وهو السدس، على وَلدِ أبي بكر.

أخبرنا أبو جعفر عبيد اللَّه بن أحمد بن علي بإسناده إلى يونس بن بُكَير عن ابن إسحاق:

حدثني يحيى بن عباد، عن أبيه عباد بن عبد اللَّه بن الزبير، عن إسماءَ بنت أبي بكر قالت:

لما كان يومُ الفتح نَزَلَ رسول اللَّه ذا طُوَىً (١)، قال أبو قحافة لبنت له كانت من أصغر ولده:

أيْ بُنَيَّة، أشرفي [بي] (٢) على أبي قُبَيس - وقد كُفَّ بصره - فأشْرفت به عليه، فقال: أيْ بُنَيَّة، ماذا ترين؟ قالت: أرى سَوَاداً مُجْتَمِعاً، وأرى رَجُلاً يَشْتَدُّ بين (٣) ذلك السواد مقبلاً ومدبراً. فقال: تلك الخيل أي بنية، وذلك الرجل الوازع (٤) ثم. قال: ماذا ترين؟ قالت: أرى السواد قد انتشر. قال: قَدْ واللَّه إذاً دُفِعَتْ الخَيْلُ، فأسرِعي بي إلى بيتي. فخرجت به سريعاً حتى إذا هبطت به إلى الأبْطَحِ لَقيْتَهَا الخيلُ وفي عُنُقِها طَوْقٌ لها (٥) من وَرِق، فاقتطعه إنسان من عنقها،

فلما دخل رسول اللَّه المسجد خرج أبو بكر حتى جاءَ بأبيه يقوده، فلما رآه رسول اللَّه قال: هَلاَّ تركت الشيخ في بيته حتى أجِيئه. قال: يمشي هو إليك يا رسول اللَّه، فأجلسه بين يديه، ثم مسح صلى صدره وقال: أسْلِمْ تَسْلَم.

فأسلم (٦)، ثم قام أبو بكر. فأخذ بيد أخته فقال: أنْشُدُ باللَّه وبالإسلام طوق أختي. فما أجابه أحد. ثم قال الثانية: أنشد باللَّه وبالإسلام طوق أختي. فما أجابه أحد. فقال: يا أُخَيَّة، احتسبي طوقك، فو اللَّه إن الأمانة في الناس (٧) لَقَلِيل (٨).

وتوفي أبو قحافة سنة أربع عشرة، وله سبع وتسعون سنة.

أخرجه الثلاثة (٩).


(١) ذو طوى- بضم الطاء وفتح الواو-: موضع بمكة.
(٢) عن سيرة ابن هشام ومسند أحمد ونصهما: «أظهرى بي على أبى قبيس». وأبو قبيس: جبل بمكة.
(٣) لفظ السيرة: «يسعى بين يدي ذلك» ولفظ المسند: «يسعى بين ذلك السواد مقبلا ومدبرا». واشتد: عدا.
(٤) في المسند والسيرة: «يا بنية، ذلك الوازع- يعنى الّذي يأمر الخيل ويتقدم إليها».
(٥) الطوق: القلادة. والورق: النضة.
(٦) لفظ السيرة والمسند: «وقال: فمسلم. فأسلم».
(٧) في سيرة ابن هشام: «بالأمانة في الناس اليوم لقتيل».
(٨) سيرة ابن هشام: ٢/ ٤٠٥، ٤٠٦. ومسند الإمام أحمد: ٦/ ٣٤٩، ٣٥٠.
(٩) الاستيعاب، الترجمة ١٧٧٣: ٣/ ١٠٣٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>