للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الهيثم بن عدي، حدثني عبد اللَّه بن عياش المرهبي وإِسحاق بن سعد، عن أَبيه: أَنَّ عَقيلٌ ابن أَبي طالب لزمه دَيْنٌ، فقَدِمَ عَلَى عَلِيِّ بن أَبي طالب الكوفةَ، فأَنزله وأَمر ابنه الحَسَنَ فكساه، فلما أَمسى دعا بعَشَائِه فإِذا خُبْزٌ ومِلْحٌ وبَقْلٌ، فقال عَقِيل: ما هو إِلا ما أَرى؟ قال:

لا. قال: فَتَقْضِي دَيْنِي؟ قال: وكم دَيْنُك؟ قال: أَربعون أَلفاً. قال: ما هي عندي. ولكن اصبر حتى يخرج عطائي، فإِنه أَربعة آلاف فأَدْفَعه إِليك. فقال له عقيل: بيوتُ المال بيدك وأَنت تُسَوِّفُنِي بعطائك! فقال: أَتأْمُرُني أَن أَدفع إِليك أَموال المسلمين، وقد ائتمنوني عليها؟! قال: فإِني آت معاويةَ. فأَذِنَ له، فأَتى معاوية فقال له: يا أَبا يزيد، كيف تركت علياً وأَصحابَه؟ قال: كأَنهم أَصحابُ محمد، إِلَّا أَنِّي لَمْ أَرَ رَسُولَ اللَّه فيهِم، وكأَنكَ وأَصْحَابَكَ أَبُو سفيانَ وأَصحابُه، إِلا أَني لَمْ أَرَ أَبَا سفيانَ فيكُم. فلما كان الغدُ قَعَد معاويةُ على سريرِه، وأَمر بكرسي إِلى جنب السَّرِيرِ، ثم أَذِنَ للناسِ فدخلوا، وأَجلس الضَّحَّاكَ بن قَيْسِ معه علَى سريرِه، ثم أَذِنَ لعَقيل فدخل عليه، فقال: يا معاوية، مَنْ هذا معك؟ قال: الضَّحَّاك ابن قَيْس. فقال: الحمد للَّه الذي رفع الخسيسة وتَمَّم النقيصة! هذا الذي كان أَبوه يَخصي بَهْمَنَا (١) بالأَبْطح، لقد كان بِخِصَائِها رَفِيقاً. فقال الضحاك: إِني لعالم بمحاسن قريش، وإِن عَقِيلاً عالمٌ بمَسَاوِيها. وأَمر له معاوية بخمسين أَلفَ درهم، فأَخذها ورجع.

روى هشام بن محمد بن السائب الكلبي، عن أَبيه، عن أَبي صالح، عن ابن عباس قال:

كان في قُرَيْش أَربعةٌ يَتَنَافَرُ الناسُ إِليْهِم ويتحاكمون: عَقِيل بن أَبي طالب، ومَخْرَمَةَ بن نَوْفَل الزهري، وأَبو جَهْم بن حُذَيْفَة العَدَوِي وحُوَيْطِب بن عبدِ العُزَّى العامري. وكان الثلاثة يَعُدُّون محاسنَ الرجل إِذا أَتاهم، فإِذا كان أَكثرَ محاسنَ نَفَّرُوه على (٢) صاحبه. وكان عَقِيلٌ يعُدُّ المساوئَ، فأَيُّمَا كان أَكْثَرَ مساوئَ تَرَكَه. فيقول الرجل: وَدِدْتُ أَني لم آته، أَظْهَرَ مِنْ مساوِيَّ ما لم يكن الناسُ يَعْلَمُون.

روى عنه ابنه محمد، والحسن البصري، وغيرهما. وهو قليل الحديث.

أَخبرنا عبد الوهاب بن هبة اللَّه بن أبي حبة بإسناده عن عبد اللَّه بن أحمد قال: حدثني أَبي، حدثنا الحكم بن نافع، حدثنا إِسماعيل بن عياش، عن سالم بن عبد اللَّه، عن عبد اللَّه بن محمد


(١) البهم- بفتح فسكون- واحدها: بهمة، وهي أولاد الضأن والمعز والبقر.
(٢) أي: حكموا له عليه بالغلبة.

<<  <  ج: ص:  >  >>