للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قالوا: وكان عبد الرحمن بن ملجم في السجن، فلما مات على ودفن بعث الحسن بن علي إلى ابن ملجم، فأخرجه من السجن ليقتله، فاجتمع الناس وجاءوا بالنّفط، والبواري (١) والنار، وقالوا: نحرقه. فقال: عبد اللَّه بن جعفر، وحسين بن علي، ومحمد بن الحنفية، دعونا حتى نشفى أنفسنا منه فقطع عبد اللَّه بن جعفر يديه ورجليه، فلم يجزع ولم يتكلم، فكحّل عينيه بمسمار محميّ، فلم يجزع، وجعل يقول: إنك لتكحل عيني عمك بمملول (٢) ممض، وجعل يقرأ ﴿اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ﴾: حتى أتى على آخر السورة، وإن عينية لتسيلان. ثم أمر به فعولج عن لسانه ليقطعه، فجزع، فقيل له: قطعنا يديك ورجليك وسملنا عينيك يا عدوّ اللَّه، فلم تجزع، فلما صرنا إلى لسانك جزعت. قال ما ذاك من جزع إلا أنى أكره أن أكون في الدنيا فواقا (٣) لا أذكر اللَّه فقطعوا لسانه، ثم جعلوه في قوصرة (٤) فأحرقوه بالنار، والعباس ابن علي يومئذ صغير، فلم يستأن به بلوغه.

وكان ابن ملجم أسمر أبلج، في جبهته أثر السجود.

أنبأنا عمر بن محمد بن طبرزد، أنبأنا أبو القاسم بن السمرقندي، أنبأنا أبو بكر ابن الطبري، أنبأنا أبو الحسين بن بشران، أنبأنا أبو علي بن صفوان، حدثنا ابن أبي الدنيا، حدثني هارون بن أبي يحيى، عن شيخ من قريش أن عليا لما ضربه ابن ملجم قال: «فزت وربّ الكعبة».

أنبأنا عبد الوهاب بن أبي منصور بن سكينة، أنبأنا أبو الفتح محمد بن عبد الباقي ابن سلمان، أنبأنا أحمد بن الحسين بن خيرون وأحمد بن الحسن الباقلاني، كلاهما إجازة قالا: أنبأنا أبو علي بن شاذان قال: قرئ على أبى محمد الحسن بن محمد بن يحيى العلويّ، حدثني جدّى، حدّثنا أحمد بن محمد بن يحيى، حدّثنى إسماعيل بن أبان الأزدي، حدّثنى فضيل بن الزبير، عن عمرو ذي مر قال: لما أصيب على بالضربة، دخلت عليه وقد عصب رأسه، قال قلت: يا أمير المؤمنين، أرني ضربتك. قال: فحلّها، فقلت: خدش وليس بشيء. قال:

إني مفارقكم. فبكت أم كلثوم من وراء الحجاب، فقال لها: اسكتي، فلو ترين ما أرى لما


(١) البواري: جمع بوري وبورية، وهو حصير يعمل من قصب.
(٢) المملول: المحمي بالملة، وهي الرماد الحار.
(٣) الفواق: الوقت ما بين الحلبتين.
(٤) القوصرة: وعاء من قصب يرفع فيه التمر من البواري.

<<  <  ج: ص:  >  >>