للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وسع الناسَ كلُّهم عَدلُه غيري. فأَضمر على قتله، فاصطنع له خنْجَراً له رأسان، وشَحَذَه وسَمَّه، ثم أَتى به الهرمزان فقال: كيف ترى هذا؟ قال: أَرى، أَنك لا تضرب به أَحداً إِلا قتلته.

قال: فَتَحيّن أَبو لؤلؤة عمر، فجاءَه في صلاة الغَدَاة حتى قام وراءَ عمر - وكان عمر إِذا أُقيمت الصلاة يقول: «أَقيموا صفوفكم»، فقال كما كان يقول، فلما كَبّر ووَجَأَه (١) أَبو لؤلؤة في كتفه، ووَجَأَه في خاصرته، وقيل: ضربه ست ضربات، فسقط عمر، وطعن بخنجره ثلاثة عشرة رَجُلاً، فهلك منهم سبعة وأَفرَقَ (٢) منهم ستة، وحُمِل عمر فذهب به. وقيل: إِن عمر قال لأبى لؤلؤة: ألا تصنع لنا رحى؟ قال: بلى، أصنع لك رحى يتحدث بها أَهل الأَمصار. ففزعَ عمر من كلمته، وعلِيٌّ معه، فقال علي: إِنه يَتَوَعَّدُك يا أَمير المؤمنين.

قال: وأَنبأَنا أَبي، أَنبأَنا أَبو بكر محمد بن عبد الباقي، أَنبأَنا أَبو محمد الجوهري، أَنبأَنا أَبو عمر بن حيوية، أنبأنا أحمد بن معروف، أنبأنا الحسين (٣) بن محمد، حدثنا محمد بن سعد، أَنبأَنا عبيد اللَّه بن موسى، عن إِسرائيل بن يونس، عن كثير النَّواء، عن أَبي عُبَيد، مولى ابن عباس، عن ابن عباس قال: كنت مع علي فسمعنا الصيحة على عمر، قال:

فقام وقمت معه، حتى دخلنا عليه البيت الذي هو فيه فقال: ما هذا الصوت؟ فقالت له امرأَة:

سقاه الطبيب نبيذاً فخرج، وسقاه لبناً فخرج، وقال: لا أَرى أَن تمسي فما كنت فاعلا فافعل. فقالت أم كلثوم: وا عمراه! وكان معها نسوة فبكين معها، وارتج البيت بكاء، فقال عمر: واللَّه لو أَنَّ لي ما على الأَرض من شيءٍ لافتديت به من هول المطَّلع. فقال ابن عباس:

واللَّه إِني لأَرجو أَن لا تراها إِلا مقدار ما قال اللَّه تعالى: ﴿وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وارِدُها﴾ (٤)، إِن كنت - ما علمنا - لأَمير المؤمنين، وأَمين المؤمنين، وسيد المؤمنين، تقضي بكتاب اللَّه، وتُقسمُ بالسَّوية.

فأَعجبه قولي، فاستوى جالساً فقال: أَتشهد لي بهذا يا ابن عباس؟ قال: فكففت، فضرب على كتفي فقال: اشهد (٥). فقلت: نعم، أَنا أشهد (٦).


(١) وجأه: ضربه.
(٢) أي نجا: وبريء.
(٣) في المطبوعة: «الحسن بن محمد». وصوابه الحسين، وقد مضى هذا السند مرارا، وللحسين بن محمد ترجمة في العدة للذهبي ٢/ ٨٣، وفي العبر: «الحسين بن محمد بن فهم»، والصواب «فهم» بالقاف، ينظر المشتبه للذهبي: ٥١١.
(٤) سورة مريم، آية: ٧١.
(٥) في الطبقات الكبرى لابن سعد: أشهد لي بهذا يا بن عباس؟
(٦) الطبقات الكبرى: ٣/ ١/ ٢٥٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>