للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وروى جرير بن حازم، عن أَبي رجاء العُطاردي قال: سمعنا بالنبي ونحن في مال لنا، فخرجنا هِراباً قال: فمررت بقوائم ظبي فأَخذتها وبللتها - قال: وطلبت في غِرَارة (١) لنا، فوجدت كف شعير، فدققته بين حجرين، ثم أَلقيته في قِدْر، ثم قصدنا عليه بعيراً لنا فطبخته، وأَكلت أَطيب طعام أَكلت في الجاهلية، قال قلت: أَبا رجاء، ما طعم الدم؟ قال: حلو.

وقال أبو عمرو بن العلاءِ: قلت لأَبي رجاء العُطَاردي: ما تذكر؟ قال: أَذكر قتل بسطام بن قيس. قال الأُصمعي: قُتِل بسطام قبل الإِسلام بقليل.

وقيل: إِنه كان قتله بعد المبعث، وهو معدود في كبار التابعين، وأَكثر روايته عن عمر، وعلي، وابن عباس، وسَمُرة. وكان ثقة، روى عنه أَيوب السَّخْتياني، وغيره.

وقال أَبو رجاء: كنت لما بعث النبي أَرعى الإِبِل وأَخطْمها. فخرجنا هِرّاباً خوفاً منه، فقيل لنا: إِنما يسأَل هذا الرجل - يعني النبي شهادة أَن لا إله إلا اللَّه، وأن محمدا رسول اللَّه، فمن قالها أَمِن على دَمه وماله. فدخلنا في الإِسلام.

أَنبأَنا أَبو جعفر بن السمين بإسناده عن يونس بن بكير، عن خالد بن دينار قال: قلت لأَبي رجاء العُطاردي: كنتم تحرمون الشهر الحرام؟ قال: نعم، إِذا جاءَ رجب كنا نَشِيم الأَسلَ، أَسنَّة رماحنا، وسيوفِنَا أَعكام (٢) النساء، فلو مَرَّ رجل على قاتل أَبيه لم يوقظه، ومن أَخذ عوداً من الحرم فتقلده، فمر على رجل قد قتل أَباه لم يحرّكه [قلت: ومثل من] (٣) كنت حين بعث النبي ؟ قال: كنتُ أَرعى الإِبل وأَحلبها.

وتوفي أَبو رجاء العطاردي سنة خمس ومائة، وقيل: سنة ثمان ومائة، وعاش مائة وخمساً وثلاثين سنة، وقيل: مائة وعشرين سنة.

وكان يخضّب رأْسه، ويترك لحيته بيضاء.

واجتمع في جنازته الحسن البصري والفرزدق الشاعر، فقال الفرزدق للحسن: يا أَبا سعيد، يقول الناس: اجتمع في هذه الجنازة خير الناس وشرهم! فقال: لست بخيرهم ولست بشرهم (٤)، ولكن ما أَعددت لهذا اليوم؟ قال: شهادة أَن لا إِله إِلا اللَّه، وأن محمدا رسول اللَّه، وقال:


(١) في المطبوعة: «عذارة». والصواب عن الاستيعاب، ومخطوطة دار الكتب «١١١» مصطلح حديث.
(٢) الأعكام: جمع عكم- بكسر فسكون-: ما يوضع فيه المتاع.
(٣) ما بين القوسين عن مخطوطة دار الكتب «١١١» مصطلح حديث، ومكانه في المطبوعة: «وقيل ما».
(٤) في الاستيعاب ٣/ ١٢١١: «فقال الحسن: أنت خيرهم وشر كثيرهم».

<<  <  ج: ص:  >  >>