للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

لا يأْتيه أَحدٌ يشهد أَن لا إِله إلا اللَّه وأن محمداً رسول اللَّه إِلا قبل منه، وأَسقط ما كان قبل ذلك، فإِذا أَتاك كتابي هذا فَأَقبلْ وأَسْلِم: فأَقبل كعب، وقال قصيدته التي مدح فيها رسولَ اللَّه ، وأَقبل حتى أَناخ راحلته بباب المسجد، مَسجِدَ رسول اللَّه ، ثم دخل المسجد ورسولُ اللَّه بين أَصحابه، مكان المائدة من القوم، حلقة دون حلقة، يقبل إِلى هؤُلاءِ مرة فيحدّثهم، وإِلى هؤُلاءِ مرة فيحدثهم - قال كعب: فدخلت وعرفت رسول اللَّه بالصفة، فتخطيت حتى جلست إِليه، فأَسلمت وقلت: الأَمانَ يا رسول اللَّه! قال: ومن أَنت؟ قلت: كعبُ بن ابن زهير. قال: أَنت الذي تقول؟ والتفت إِلى أَبي بكر وقال: كيف يا أَبا بكر؟ فأَنشده أَبو بكر الأَبيات، فلما قال:

وأَنهلك المأْمور منها وعلكا

المأمور: بالراءِ - قال قلت: يا رسول اللَّه، ما هكذا قلت! قال: كيف قلت؟ قال قلت:

وأَنهلك المأْمون منها وعلكا

المأْمون: بالنون - قال: مأَمون واللَّه.

وأَنشده القصيدة: (١)

بَانَتْ سُعَادُ فَقَلْبِي اليَوْمَ مَتْبُولُ … مُتَيَّمٌ إِثْرَهَا لَمْ يُفْدَ مَكْبُولُ (٢)

إِنَّ الرَّسُولَ لَسَيفٌ يُسْتَضَاءُ بِهِ … مُهَنَّدٌ مِنْ سُيُوفِ اللَّه مَسْلُولُ

أُنْبِئْتُ أَنَّ رَسُولَ اللَّه أَوْعَدَني … وَالْعَفْوُ عنْدَ رَسُول اللَّه مَأْمُولُ

فأَشار رسول اللَّه إِلى من معه: أَن اسمعوا، حتى أَنشده القصيدة.

وكان قدومه على رسول اللَّه بعد انصرافه من الطائف. ومن جيد شعره قوله: (٣)

لَوْ كُنتُ أَعجبُ مِنْ شَيءٍ لَأَعْجَبَنِي … سَعْي الفَتَى وَهْوَ مَخبُوءٌ لَهُ القَدَرُ

يَسْعَى الفَتَى لأُمُورٍ لَيْسَ يُدْرِكُهَا … وَالنَّفْسُ وَاحدَةٌ وَالهَمُّ مُنْتَشِرٌ

وَالْمَرءُ ما عَاشَ مَمْدُود لَهُ أَمَل … لَا تَنْتَهِي العَيْنُ حَتَى يَنْتَهِي الأَثَرُ


(١) القصيدة في ديوانه: ٦ - ٢٥، وسيرة ابن هشام: ٢/ ٥٠٣ - ٥١٣.
(٢) «بانت»: فارقت فراقا بعيدا، و «سعاد»: امرأته وهي بنت عمه، وخصبا بالذكر لطول غيبته عنها، لهروبه من رسول اللَّه . و «متبول»: سقيم أضناه الحب، و «متيم»: ذليل مستعبد. «لم يفد»: لم يخلص من الأسر. و «مكبول»: مقيد.
(٣) ديوانه: ٢٢٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>