للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

واستشهد مرثد في غزوة الرَّجيع مع عاصم بن ثابت، سنة ثلاث. ولما هاجر آخى رسول اللَّه بينه وبين أوس بن الصامت، وكان يحمل الأسارى من مكة إلى المدينة، لشدّته وقوّته.

وكان بمكةَ بَغيّ يقال لها «عناقِ»، وكانت صديقة له في الجاهلية، وكان قد وَعَد رجلاً أن يحملَه من أهل مكة، قال: فجئت حتى انتهيت إلى حائط من حيطان مكة في ليلة قمراءَ، قال: فجاءَت عَنَاق فأبصَرَتْ سَوادِي، فلما رأتني عرفتني، فقالت: مرثد؟ قلت: مرثد. قالت: مرحباً وأهلاً، تعال فبت عندنا الليلة. قال: فقلت: يا عَنَاقِ، إن اللَّه حرم الزنا! قالت: يا أهل مكة، إن هذا يحمل الأسرى من مكة! قال: فتبعني ثمانية رجال، وسلكت الخَنْدَمَة (١)، فانتهيتُ إلى كهف فدخلتُه، وجاءُوا حتى قاموا على رأسي، وعماهم اللَّه عني، ثم رجعوا، ورجعتُ إلى صاحبي فحملته، وكان رجلاً ثقيلاً حتى انتهيت إلى الإذخر (٢)، ففككت عليه كَبْله (٣)، ثم قَدِمت المدينةَ فأتيتُ رسول اللَّه ، فقلت: يا رسول اللَّه، أنْكِحُ عَنَاقِ؟ فأمسك رسول اللَّه حتى نزلت هذه الآية: ﴿الزَّانِي لَا يَنْكِحُ إِلَّا زانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً﴾ (٤) … الآية.

قال ابن إسحاق: كان مرثد بن أبي مرثد أمير السرية التي أرسلها رسول اللَّه إلى الرَّجيع، وذلك في صفر سنة ثلاث من الهجرة (٥).

وقال غيره: كان الأميرُ عليها عاصم بن ثابت. وتقدّمت القصة في خُبَيب بن عَدِيّ (٦) وعاصم (٧)

وروى مَرْثَد عن النبي أنه قال: «إن سَرَّكم أن تُقْبَل صلاتكم فَلْيَؤُمُّكُم خِيارُكم، فإنهم وفدكم» (٨).

قال القاسم أبو عبد الرحمن الشامي: حدثني مرثد.

قال أبو عمر: هكذا الحديث، وهو عندي وهم وغلط، لأن من قتل في حياة رسول اللَّه لم يدركه القاسِم، ولا يجوز أن يقول فيه: «حدثني»، لأنه منقطع، أرسله القاسم، واللَّه أعلم.

أخرجه الثلاثة.


(١) الخندمة- بفتح الخاء-: جبل بمكة.
(٢) كذا في المطبوعة والمصورة. وفي اللسان، مادة ذخر: «ثنية الأذاخر: هي موضع بين مكة والمدينة، وكأنها مسماة بجمع الإذخر».
(٣) الكبل: القيد.
(٤) سورة النور، آية: ٣. وينظر تفسير الطبري ط الأميرية: ١٨/ ٥٦.
(٥) سيرة ابن هشام: ٢/ ١٧١.
(٦) تنظر الترجمة ١٤١٧: ٢/ ١٢٠/ ١٢٢.
(٧) تنظر الترجمة ٢٦٦٣: ٣/ ١١١، ١١٢.
(٨) تكملته كما في الاستيعاب ٣/ ١٣٨٤: «فإنّهم وفدكم فيما بينكم وبين ربكم».

<<  <  ج: ص:  >  >>