للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فولدت له جارية، وهلك عنها عتيق، فتزوّجها أبو هالة بن مالك، أحد بني عمرو بن تميم، ثم أحد بني أُسَيِّد.

قال الزبير: وبعض الناس يقول: أبو هالة قبل عتيق.

وتزوج رسولُ اللَّه خديجة قبل الوحي وعمره حينئذ خمس وعشرون سنة وقيل: إحدى وعشرون سنة، زوّجها منه عمها عمرو بن أسد. ولما خطبها رسول اللَّه قال عمها:

محمد بن عبد اللَّه بن عبد المطلب يخطب خديجة بنتُ خُوَيلد، هذا الفحل لا يُقدَع (١) أنفه.

وكان عمرها حينئذ أربعين سنة وأقامت معه أربعاً وعشرين سنة.

وكان سبب تزوجها برسول اللَّه ما أخبرنا أبو جعفر بإسناده عن يونس، عن ابن إسحاق قال: كانت خديجة امرأة تاجرة ذات شَرَف ومال، تستأجر الرجال في مالها تُضاربهم (٢) إياه بشيء تجعله لهم منه. فلما بلغها عن رسول اللَّه ما بلغها من صدق حديثه وعِظَم أمانته وكرم أخلاقه بعثت إليه وَعَرَضت عليه أن يخرج في مالها إلى الشام تاجراً، وتعطيه أفضل ما كانت تعطي غيره من التجار، مع غلام لها يقال له: ميسرة، فقبله منها وخرج في مالها ومعه غلامها ميسرة، حتى قَدِم الشام فنزل رسول اللَّه في ظل شجرة قريباً من صَومعة راهب، فاطلع الراهب إلى ميسرة فقال: من هذا الرجل الذي نزل تحت هذه الشجرة؟ قال: هذا رجل من قريش من أهل الحرم.

فقال له الراهب: ما نزل تحت هذه الشجرة قط. إلا نبي. ثم باع رسول اللَّه سلعته التي خرج بها، واشترى ما أراد، ثم أقبل قافلاً إلى مكة، فلما قَدِم على خديجة بمالها باعت ما جاءَ به، فأضعف أو قريباً، وحدّثها ميسرة عن قول الراهب. وكانت خديجة امرأة حازمة لبيبة شريفة مع ما أراد اللَّه بها من كرامتها. فلما أخبرها ميسرة بعثت إلى رسول اللَّه فقالت له: «إني قد رُغِبتُ فيك لقرابتك مني، وشرفك في قومك، وأمانتك عندهم، وحسن خلقك، وصدق حديثك» ثم عرضت عليه نفسها، وكانت أوسط نساء قريش نسباً، وأعظمهم شرفاً، وأكثرهم مالاً.

فلما قالت لرسول اللَّه ما قالت، ذكر ذلك لأعمامه، فخرج معه حمزة بن عبد المطلب حتى دخل على خُوَيلد بن أسد، فخطبها إليه فتزوّجها رسول اللَّه ، فولدت لرسول اللَّه


(١) يقال: قدعت الفحل، وهو أن يكون غير كريم، فإذا أراد ركوب الناقة الكريمة ضرب أنفه بالرمح أو غيره حتى يرتدع وينكف.
(٢) المضاربة: أن تعطى مالا لغيرك يتجر فيه، فيكون له سهم معلوم من الربح.

<<  <  ج: ص:  >  >>