للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

عائشة أم المؤمنين قالت: «أوّل ما بدئَ به رسول اللَّه من الوحي الرؤيا الصالحة، النوم، كان لا يرى رؤيا إلا جاءت مثل فَلَق (١) الصبح» … وذكر الحديث، قال - يعني جبريل، : ﴿اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ﴾ فرجع بها رسول اللَّه يرجُف فؤاده، فدخل على خديجة فقال زَمِّلُوني، فزملوه حتى ذهب عنه الروع، وقال لخديجة وأخبرها الخبر: لقد خَشيتُ على نفسي: فقالت خديجة: كلا، واللَّه لا يخزيك اللَّه أبداً، إنك لَتَصِلُ الرَّحِمَ، وتَحمِلُ الكَلَّ (٢)، وتُكْسِبُ المعدومَ (٣) وَتَقْرِي (٤) الضَّيف، وتعين على نوائب الحق. وانطلقت به خديجة إلى ورقة بن نوفل، وكان امرأ تنصر في الجاهلية، ويكتب الكتاب العِبْرَاني، ويكتب من الإنجيل ما شاء اللَّه أن يكتب، فقالت له خديجة: يا ابن عَمّ، اسمع من ابن أخيك. فقال له وَرَقة: ماذا ترى؟ فأخبره رسولُ اللَّه ، فقال: يا ليتني فيها جَذَعاً (٥)، ليتني أكون حيًّا إذ يخرجك قومك (٦).

أخبرنا أبو جعفر بإسناده إلى يونس، عن ابن إسحاق قال: وكانت خديجة أوّل من آمن باللَّه ورسوله، وصدّق بما جاءَ به، فخفَّفَ اللَّه بذلك عن رسول اللَّه ، لا يسمع شيئاً يكرهه من رَدَ عليه وتكذيب له فيحزنه إلا فَرَّج اللَّه عنه بها إذا رجع إليها تُثَبِّته وتخفِّف عنه، وتصدِّقه وتهوّن عليه أمر الناس، (٧).

قال ابن إسحاق: وحدثني إسماعيل بن أبي حكيم مولى الزبير: أنه حُدِّث، عن خديجة أنها قالت لرسول اللَّه : يا ابن عم، هل تسطيع أن تُخبِرَني بصاحبك الذي يأتيك إذا جاءَك؟ قال: نعم. فبينا رسولُ اللَّه عندها إذ جاءَه جبريل، فقال رسول اللَّه : هذا جبريل قد جاءَني. فقالت: أتراه الآن؟ قال: نعم. قالت: اجلس على شِقَّي الأيسر. فجلس، فقالت:

هل تراه الآن؟ قال: نعم. قالت: فاجلس على شقي الأيمن. فجلس، فقالت: هل تراه الآن؟ قال: نعم. قالت فتحوَّل فاجلس في حجري. فتحول رسول اللَّه فجلس، فقالت: هل


(١) أي: ضوؤه وإنارته.
(٢) الكل: الثقل من كل ما يتكلف.
(٣) أي: تعطى الناس الشيء المعدوم عندهم، وتوصله إليهم.
(٤) أي: تطعمه.
(٥) الجذع: الشاب، يقول: يا ليتني كنت شابا عند ظهور النبوة، حتى أبالغ في نصرتها وحمايتها.
(٦) البخاري، بده الوحي: ١/ ٣ - ٤.
(٧) سيرة ابن هشام: ١/ ٢٤٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>