للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أوْقِرْ ركابي فِضَّةً وذهباً … فقد قتلت السيد المحجبا

قتلت خير الناس أماً وأباً … وخَيْرَهم إذ يُنْسَبون نسباً

وقيل: إن سنان بن أنس لما قتله قال له الناس: قتلت الحسين بن علي، وهو ابن فاطمة بنت رسول اللَّه ورضي عنها، أعظم العرب خطراً، أراد أن يزيل ملك هؤلاء، فلو أعطوك بيوت أموالهم لكان قليلاً! فأقبل على فرسه، وكان شجاعاً به لُوثة، فوقف على باب فسطاط عمر بن سعد، وأنشده الأبيات المذكورة، فقال عمر: أشهد أنك مجنون، وحذفه بقضيب (١) وقال: أتتكلم بهذا الكلام! واللَّه لو سمعه زياد لقتلك.

ولما قتل الحسين أمر عمر بن سعد نفراً فركبوا خيولهم وأوطئوها الحسين، وكان عدة من قتل معه اثنين وسبعين رجلاً، ولما قتل أرسل عمر رأسه ورءوس أصحابه إلى ابن زياد، فجمع الناس وأحضر الرءوس، وجعل ينكت بقضيب بين شفتي الحسين، فلما رآه زيد بن أرقم لا يرفع قضيبه قال له:

أعل (٢) بهذا القضيب، فو الّذي لا إله غيره لقد رأيت شفَتَيْ رسول اللَّه على هاتين الشفتين يقبلهما.

ثم بكى، فقال له ابن زياد: أبكى اللَّه عينيك، فو اللَّه لولا أنك شيخ قد خرِفت لضربت عنقك. فخرج وهو يقول: أنتم يا معشر العرب، العبيد بعد اليوم، قتلتم الحسين بن فاطمة، وأمرتم ابن مرجانة، فهو يقتل خياركم، ويستعبد شراركم، وأكثر الناس مراثيه، فمما قيل فيه ما قاله سليمان بن قتة الخزاعي (٣):

مررت على أبيات آل محمد … فلم أرها أمثالها حين حُلَّت

فلا يبعد اللَّه البيوتَ وأهْلها … وإن أصبحت منهم بِرَغْمي تَخَلَّت

وكانوا رجاء ثم عادوا رزية … لقد عظمت تلك الرزايا وجلت

أولئك قوم لم يشيموا سيوفهم … ولم تَنْكِ في أعدائهم حين سلت

وإن قتيل الطفّ من آل هاشم … أذل رقاباً من قريش فذلت

ألم تر أن الأرض أضحت مريضة … لفقد حسين والبلادَ اقشعرَّت

وقد أعولت تبكي السماء لفقده … وأنجمها ناحت عليه وصلت (١)

وهي أبيات كثيرة.

وقال منصور التنمرى (٤):

وَيْلَكَ يا قاتل الحسين لقد … بؤْتَ بحمل ينوء بالحامل

أي حبا حبوت أحمد في … حفرته من حرارة الثاكلْ

تعال فاطلب غداً شفاعته … وانهض فرد حوضه مع الناهلْ

ما الشك عندي بحال قاتله … لكنني قد أشُكُّ بالخاذلْ

كأنما أنت تعجبين ألا … تنزل بالقوم نقمة العاجلْ

لا يعْجلُ اللَّه إن عجلت وما … ربك عما تَرَيْنَ بالغافلْ

ما حصلت لأمرئ سعادتهُ … حقت عليه عقوبة الآجل


(١) حذفه بقضيب: رماه بعصا.
(٢) أي: نح وأبعد.
(٣) الأبيات في الاستيعاب: ٣٩٤، ٣٩٠، وينظر مروج الذهب: ٢ - ٥٠.
(٤) الأبيات في الاستيعاب: ٣٩٥، والقصيدة في الشعر والشعراء: ٨٦٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>