للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فلكمني صاحبي لكمة، وقال: وما أنت وذاك؟ أقبل على شأنك. فأقبلت على عملي حتى أمسيت، فجمعت شيئا فأتيته به، وهو بقباء عند أصحابه، فقلت: اجتمع عندي، أردت أن أتصدق به، فبلغني أنك رجل صالح، ومعك رجال من أصحابك ذوو حاجة، فرأيتكم أحق به، فوضعته بين يديه، فكف يديه، وقال لأصحابه: كلوا. فأكلوا، فقلت: هذه واحدة، ورجعت.

وتحوّل إلى المدينة، فجمعت شيئا فأتيته به، فقلت: هاتان اثنتان، ورجعت.

فأتيته وقد تبع جنازة في بقيع الغرقد، وحوله أصحابه، فسلمت، وتحولت انظر إلى الخاتم في ظهره، فعلم ما أردت، فألقى رداءه، فرأيت الخاتم، فقبلته، وبكيت، فأجلسنى بين يديه، فحدثته بشأنى كلّه كما حدثتك يا ابن عباس، فأعجبه ذلك، وأحب أن يسمعه أصحابه، ففاتني معه بدر وأحد بالرّق، فقال لي: كاتب يا سلمان عن نفسك، فلم أزل بصاحبي حتى كاتبته، على أن أغرس له ثلاثمائة وديّة (١) وعلى أربعين أوقية من ذهب، فقال النبي : أعينوا أخاكم بالنّخل، فأعانونى بالخمس والعشر، حتى اجتمع لي، فقال لي: فقّر (٢) لها ولا تضع منها شيئا حتى أضعه بيدي، ففعلت، فأعانني أصحابي حتى فرغت، فأتيته، فكنت آتيه بالنخلة فيضعها، ويسوى عليها ترابا، فأنصرف، والّذي بعثه بالحق فما ماتت منها واحدة، وبقي الذهب، فبينما هو قاعد إذ أتاه رجل من أصحابه بمثل البيضة، من ذهب أصابه من بعض المعادن، فقال: ادع سلمان المسكين الفارسي المكاتب، فقال: أدّ هذه، فقلت:

يا رسول اللَّه، وأين تقع هذه مما عليّ؟ وروى أبو الطفيل، عن سلمان، قال: أعانني رسول اللَّه ببيضة من ذهب، فلو وزنت بأحد لكانت أثقل منه.

وقيل: إنه لقي بعض الحواريين، وفيل: إنه أسلم بمكة، وليس بشيء.

وأول مشاهده مع رسول اللَّه الخندق، ولم يتخلف عن مشهد بعد الخندق، وآخى رسول اللَّه بينه، وبين أبى الدرداء.

أخبرنا عبد اللَّه بن أحمد بن عبد القاهر، قال: أخبرنا أبو محمد جعفر بن أحمد القاري، أخبرنا الحسن بن أحمد بن شاذان، أخبرنا أحمد بن عثمان بن أحمد بن السماك، أخبرنا يحيى ابن جعفر، أخبرنا حماد بن مسعدة، أخبرنا ابن أبي ذئب، عن سعيد بن أبي سعيد، عن


(١) الودية: النخلة الصغيرة.
(٢) في المطبوعة: نقر، ومعنى فقر: احفر لها موضعا تغرس فيه، وتسمى الحفرة: فقرة، بضم الفاء.

<<  <  ج: ص:  >  >>