للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الشام، فلم يرجع من أهله إلا عبد الرحمن بن الحارث، فلما رجعت فاختة وعبد الرحمن قال عمر: زوّجوا الشّريد الشريدة، ففعلوا، فنشر اللَّه منهما عددا كثيرا، فقيل مات سهيل في طاعون عمواس، في خلافة عمر، سنة ثمان عشرة.

وهذا سهيل هو صاحب القضية يوم الحديبيّة مع رسول اللَّه ، حين اصطلحوا، ذكر محمد بن سعد عن الواقدي، عن سعيد بن مسلم، قال: لم يكن أحد من كبراء قريش الذين تأخر إسلامهم فأسلموا يوم الفتح، أكثر صلاة ولا صوما ولا صدقة، ولا أقبل على ما يعنيه من أمر الآخرة، من سهيل بن عمرو، حتى إنه كان قد شحب وتغيّر لونه، وكان كثير البكاء، رقيقا عند قراءة القرآن، لقد رئي يختلف إلى معاذ بن جبل يقرئه القرآن وهو يبكى، حتى خرج معاذ من مكة، فقال له ضرار بن الأزور: يا أبا يزيد، تختلف إلى هذا الخزرجي يقرئك القرآن! ألا يكون اختلافك إلى رجل من قومك؟ فقال: يا ضرار، هذا الّذي صنع بنا ما صنع حتى سبقنا كلّ السبق، لعمري أختلف، لقد وضع الإسلام أمر الجاهلية، ورفع اللَّه أقواما بالإسلام كانوا في الجاهلية لا يذكرون، فليتنا كنا مع أولئك فتقدّمنا، وإني لأذكر ما قسم اللَّه لي في تقدّم أهل بيتي الرجال والنساء، ومولاي عمير بن عوف فأسرّ به، وأحمد اللَّه عليه، وأرجو أن يكون اللَّه نفعني (١) بدعائهم ألا أكون هلكت على ما مات عليه نظرائي وقتلوا، فقد شهدت مواطن كلها أنا فيها معاند للحق، يوم بدر، ويوم أحد، ويوم الخندق، وأنا وليت أمر الكتاب يوم الحديبيّة يا ضرار، إني لأذكر مراجعتى رسول اللَّه يومئذ، وما كنت ألظّ (٢) به من الباطل، فأستحيى من رسول اللَّه وأنا بمكة، وهو يومئذ بالمدينة، ثم قتل ابني عبد اللَّه يوم اليمامة شهيدا، فعزاني به أبو بكر،

وقال: قال رسول اللَّه : إن الشهيد ليشفع لسبعين من أهل بيته، فأنا أرجو أن أكون أول من يشفع له.

قيل: استشهد باليرموك وهو على كردوس (٣)، وقيل: بل استشهد يوم الصّفّر (٤)، وقيل:

مات في طاعون عمواس، واللَّه أعلم.

أخرجه الثلاثة.


(١) في المطبوعة: ينفعني.
(٢) ألظ به: ألزمه.
(٣) الكردوس: كتيبة من الخيل.
(٤) كان سنة أربع عشرة من الهجرة، ومرج الصفر سهل واسع قبلي دمشق، وكان طاعون عمواس سنة ثمان عشرة، وعمواس ضيعة على ستة أميال من الرملة، على طريق بيت المقدس، وفد ذكر الذهبي ان ابنه أبا جندل هو الّذي استشهد في الطاعون (العبر: ١/ ٢٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>