للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أُنَيْسَةَ قَالَتْ: نَزَلَ فِينَا أَبُو بَكْرٍ ثَلاثَ سِنِينَ: سَنَتَيْنِ قَبْلَ أَنْ يُسْتَخْلَفَ، وَسَنَةً بَعْدَ مَا اسْتُخْلِفَ فَكَانَ جَوَارِي الْحَيِّ يَأْتِينَهُ بِغَنَمِهِنَّ، فَيَحْلِبْهُنَّ لَهُنَّ.

قَالَ: وَأَخْبَرَنَا أَبِي، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ الأَنْصَارِيُّ، حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ مَعْرُوفٍ أَخْبَرَنَا الْحُسَيْن بْن القهم [١] ، حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن سَعْدٍ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ، حَدَّثَنَا أَبُو بكر بن عبد الله بن أبي سبرة، عَنْ مُوَرِّقٍ عَنْ أَبِي سَعِيدِ بْنِ الْمُعَلَّى قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ الْمُسَيِّبِ قَالَ- وَأَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ، حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ صبيحَةَ، عَنْ أَبِيهِ (ح) قَالَ: وَأَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عُمَرَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: بُويِعَ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ يَوْمَ قُبِضَ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ الإِثْنَيْنِ، لاثْنَتَيْ عَشْرَةَ لَيْلَةً خَلَتْ مِنْ رَبِيعٍ الأَوَّلِ، سَنَةَ إِحْدَى عَشْرَةَ [٢] وَكَانَ مَنْزِلُهُ بِالسُّنُحِ [٣] عِنْدَ زَوْجَتِهِ حَبِيبَةَ بِنْتِ خَارِجَةَ بْنِ زَيْدِ بْنِ أَبِي زهير، من بنى الحارث ابن الْخَزْرَجِ، وَكَانَ قَدْ حُجِرَ عَلَيْهِ حَجْرَةٌ مِنْ شِعْرٍ، فَمَا زَادَ عَلَى ذَلِكَ حَتَّى تَحَوَّلَ إلى المدينة [٤] ، وأقام هناك بالسّنح بعد ما بُويِعَ لَهُ سَبْعَةَ [٥] أَشْهُرٍ، يَغْدُو [٦] عَلَى رِجْلَيْهِ وَرُبَّمَا رَكِبَ عَلَى فَرَسٍ لَهُ [٧] ، فَيُوَافِي الْمَدِينَةَ فَيُصَلِّي الصَّلَوَاتِ بِالنَّاسِ فَإِذَا صَلَّى الْعِشَاءَ الآخِرَةَ رَجَعَ إِلَى أَهْلِهِ [٨] . وَكَانَ يَحْلِبُ لِلْحَيِّ أَغْنَامَهُمْ، فَلَمَّا بُويِعَ لَهُ بِالْخِلافَةِ قَالَتْ جَارِيَةٌ مِنَ الحي: الآن لا يجلب لَنَا مَنَائِحُنَا.

فَسَمِعَهَا أَبُو بَكْرٍ فَقَالَ: بَلَى، لَعَمْرِي لأَحْلِبَنَّهَا لَكُمْ، وَإِنِّي لأَرْجُو أَنْ لا يُغَيِّرَنِي مَا دَخَلْتُ فِيهِ عَنْ خُلُقٍ كُنْتُ عَلَيْهِ. فَكَانَ يَحْلِبُ لَهُمْ، فَرُبَّمَا قَالَ لِلْجَارِيَةِ: أتحبين أن أرغى لك [٩] أَوْ أَنْ أُصَرِّحَ؟

[فَرُبَّمَا قَالَتْ: أَرْغِ. وَرُبَّمَا قَالَتْ صَرِّحْ [١٠]] فَأَيَّ ذَلِكَ قَالَتْ فَعَلَ.

وله فِي تواضعه أخبار كثيرة، نقتصر منها عَلَى هذا القدر.


[١] في المطبوعة: «الفهم» بالفاء. وقد سبق التنبيه عليه.
[٢] بعده في الطبقات ٣/ ١/ ١٣١: «من مهاجر رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ» .
[٣] السنح- بضم السين المهملة وسكون النون، وآخره حاء مهملة: إحدى محال المدينة، كان بها منزل أبى بكر، وهي من منازل بنى الحارث بن الخزرج بعوالي المدينة.
[٤] في الطبقات: ٣/ ١/ ١٣٢: «إلى منزله بالمدينة» .
[٥] في المطبوعة: «بسبعة» والمثبت عن الأصل. وفي الطبقات: «ستة» .
[٦] في المطبوعة: «يعدو» بالعين. والمثبت عن الأصل والطبقات. وفي الطبقات زيادة، وهي: يغدو على رجليه إلى المدينة.
[٧] في الطبقات: «وربما ركب على فرس له وعليه إزار ورداء ممشق، فيوافي»
[٨] في الطبقات: «رجع إلى أهله بالسنح» . وبعد هذه الفقرة زيادة قد اختصرت في رواية ابن الأثير.
[٩] يعنى: أتحبين لبنا تعلوه رغوة أو صريحا خالصا لا رغوة عليه.
[١٠] من الطبقات.

<<  <  ج: ص:  >  >>