للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وكان بعد رسول اللَّه يكثر الحج، وكان كثير الصدقة وربما تصدق في المجلس الواحد بثلاثين ألفاً.

قال نافع: كان ابن عمر إذا اشتدّ عجبه بشيءٍ من ماله قربه لربه، وكان رقيقه قد عرفوا ذلك منه، فربما لزم أحدُهم المسجد، فإذا رآه ابن عمر على تلك الحال الحسنة أعتقه، فيقول له أصحابه: يا أبا عبد الرحمن، واللَّه ما بهم إلا أن يخدعوك! فيقول ابن عمر: من خدعنا باللَّه انخدعنا له.

قال نافع: ولقد رأيتُنا ذات عَشِيَّة، وراح ابن عمر على نَجيب (١) له قد أخذه بمال، فلما أعجبه سيره أناخه بمكانه، ثم نزل عنه، فقال: يا نافع، انزعوا عنه زمامه ورحْلَه وأشْعِرُوه (٢) وجَلِّلوه وأدخِلوه في البُدْن.

وقال نافع: دخل ابن عمر الكعبة، فسمعته وهو ساجد يقول: «قد تَعْلم يا ربي ما يمنعني من مزاحمة قريش على الدنيا إلا خوفك».

وقال نافع: كان ابن عمر إذا قرأ هذه الآية: ﴿أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ﴾ (٣) بكى حتى يغلبه البكاءُ.

وقال ابن عمر: «البِرّ شيء هَيّن: وجه طلق، وكلام لين» وروى ابنُ عمر عن النبي فأكثر. وروى عن أبي بكر، وعمر، وعثمان، وأبي ذر، ومعاذ بن جبل، ورافع بن خَدِيج، وأبي هريرة، وعائشة.

روى عنه ابن عباس، وجابر والأغَر المُزَنِي من الصحابة. وروى عنه من التابعين بنوه:

سالم، وعبد اللَّه، وحمزة. وأبو سلمة وحُمَيْد ابنا عبد الرحمن. ومُصْعَب بن سعد، وسعيد المسيَّب، وأسلم مولى عُمَر، ونافع مولاه، وخلق كثير.

أخبرنا عبد اللَّه بن أحمد بن عبد القاهر الطُّوسِي، أخبرنا أبو بكر بن بدران الحُلْواني، أخبرنا أحمد بن محمد بن يعقوب المعروف بابن قَفَرْجَل (٤)، حدثني جَدِّي محمد بن عبيد اللَّه ابن الفضل، حدثنا أبو بكر محمد بن هارون بن حميد، حدثنا محمد بن سليمان بن حبيب،


(١) النجيب من الإبل: القوى منها، الخفيف السريع.
(٢) الإشعار: أن يشق أحد جنبي السنام حتى يسيل الدم، علامة على أنه هدى. ومعنى جللوه: ألبسوه الجل- بضم الجيم- وهو للدابة كالثوب للإنسان، تصان به.
(٣) الحديد: ١٦.
(٤) في المطبوعة: «سفرجل» والمثبت من الأصل. وقد ذكر صاحب القاموس: «قفرجل» وقال إنه علم مرتجل.

<<  <  ج: ص:  >  >>