للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فلا بدَّ من ضابط، وكانت الثلاثةُ دراهمَ أول مراتب الجمع، [٢٨٥/أ] وهي مقدار ربع دينار. وقال إبراهيم النخعي أو غيره (١) من التابعين (٢): «كانوا لا يقطعون في الشيء التافه»؛ فإن عادة الناس التسامحُ في الشيء الحقير من أموالهم، إذ لا يلحقهم ضررٌ بفقده. وفي التقدير بثلاثة دراهم حكمة ظاهرة، فإنها كفاية المقتصد في يومه له ولمن يمُونه غالبًا. وقوت اليوم للرجل وأهله له خطرٌ عند غالب الناس. وفي الأثر المعروف: «من أصبح آمنًا في سِرْبه، معافًى في بدنه، عنده قوت يومه، فكأنما حِيزت له الدنيا بحذافيرها» (٣).

فصل

وأما إيجاب حد الفرية على من قذف غيره بالزنا دون الكفر، ففي غاية


(١) في النسخ المطبوعة: «وغيره».
(٢) رواه ابن أبي شيبة (٢٨٦٩٣)، وإسحاق بن راهويه (٧٣٨، ٧٣٩)، والبيهقي (٨/ ٢٥٥، ٢٥٦) من كلام عروة بن الزبير. ورواه ابن أبي شيبة (٢٨٦٩٧)، وأبو عوانة (٦٢٢١) من طريق أخرى عن عروة، عن عائشة. والمحفوظ أنه من كلام عروة.
(٣) رواه الترمذي (٢٣٤٦) ــ وقال: «حديثٌ حسنٌ غريبٌ» ــ، وابن ماجه (٤١٤١) من حديث سلمة بن عبيدالله بن محصن، عن أبيه مرفوعا. وسلمة هذا مجهول، وابنُ أبي شميلةَ الراوي عنه مستورُ الحالِ، بادِيَ الرأيِ، على أنّ العقيليَّ أغرب جدًّا، فاستظهر في «الضعفاء» (٢/ ٥٥٢ - ٥٥٣) أنه محمدُ بن سعيدٍ التالفُ المصلوبُ في الزندقة! وللحديثِ شواهدُ واهيةٌ، أشهرُها ما صحّحه ابن حبان (٤٥٧٨) من حديث أبي الدرداء مرفوعا، وآفتُه عبد الله بن هانئ بن عبد الرحمن بن أبي عبلة، وهو تالف، صاحب بواطيل.