للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يبايع عليها أصحابه لم يلزمه الطلاق والإعتاق ولا شيء مما رتَّبه الحجاج، وإن لم ينوِ تلك البيعة ونوى البيعة الحجَّاجية فلا يخلو: إما أن يذكر في لفظه طلاقًا أو عتاقًا أو حجًّا أو صدقةً أو يمينًا بالله أو لا يذكر شيئًا من ذلك؛ فإن لم يذكر في لفظه شيئًا فلا يخلو: إما أن يكون عارفًا بمضمونها أو لا؛ وعلى التقديرين فإما أن ينوي مضمونها كلَّه أو بعضَ ما فيها أو لا ينوي شيئًا من ذلك، فهذه تقاسيم هذه المسألة.

فقال الشافعي وأصحابه: إن لم يذكر في لفظه طلاقها وعتاقها وحجها وصدقتها لم يلزمه شيء، نواه أو لم ينوِه، إلا أن ينوي طلاقها وعتاقها فاختلف أصحابه؛ فقال العراقيون: يلزمه الطلاق والعتاق؛ فإن اليمين بهما تنعقد بالكناية مع النية. وقال صاحب «التتمَّة»: لا يلزمه ذلك وإن نواه ما لم يتلفَّظ به؛ لأن الصريح لم يوجد، والكناية إنما يترتب عليها الحكم فيما يتضمن الإيقاع، فأما الالتزام فلا، ولهذا لم يجعل الشافعي الإقرار بالكناية مع النية إقرارًا لأنه التزام. ومن ههنا قال من قال من الفقهاء كالقفال وغيره: إذا قال «الطلاق يلزمني لا أفعل» لم يقع به الطلاق وإن نواه، لأنه كناية، والكناية إنما يترتّب عليها الحكم في غير الالتزامات، ولهذا لا تنعقد اليمين بالله بالكناية مع النية.

وأما أصحاب الإمام (١) أحمد فقال أبو عبد الله ابن بطَّة (٢): كنت عند أبي القاسم الخِرَقي وقد سأله رجل عن أيمان البيعة، فقال: لست أفتي فيها [٢٥/ب] بشيء، ولا رأيت أحدًا من شيوخنا يفتي فيها بشيء. قال: وكان أبي -


(١) «الإمام» من ز.
(٢) انظر: «المغنى» (١٣/ ٦١٩) و «القواعد» لابن رجب (ص ٢٤٩).