للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المسائل، وهي أكثر من عشرين مسألة (١). ومن المعلوم أن القول الذي صرَّح بالرجوع عنه لم يبق مذهبًا له، فإذا أفتى المفتي به، مع نصِّه على خلافه لرجحانه عنده، ولم يُخرجه (٢) ذلك عن التمذهب بمذهبه= فما الذي يحرِّم عليه أن يفتي بقول غيره من الأئمة الأربعة وغيرهم إذا ترجَّح عنده؟

فإن قيل: الأول قد كان مذهبًا له مرَّةً، بخلاف ما لم يقل به قط.

قيل: هذا فرق عديم التأثير، إذ ما قال به وصرَّح بالرجوع عنه بمنزله ما لم يقله. وهذا كلُّه مما يبيِّن أن أهل العلم لا يتقيدون بالتقليد المحض الذي يهجرون لأجله قولَ كلِّ من خالف من قلَّدوه. وهذه طريقة ذميمة وخيمة، حادثة في الإسلام، مستلزمة لأنواع من الخطأ ومخالفة الصواب. والله أعلم.

الفائدة الرابعة والخمسون (٣): يحرم على المفتي أن يفتي بضد لفظ النص، وإن وافق مذهبه.

ومثاله: أن يُسأل عن رجل صلَّى من الصبح ركعةً ثم طلعت الشمس، هل يُتِمُّ صلاته أم لا؟ فيقول: لا يتمُّها. ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «فليُتِمَّ


(١) انظر: «أدب المفتي» (ص ١٢٨) و «صفة الفتوى» (ص ٤٣).
(٢) في النسخ المطبوعة: «لم يخرجه» دون الواو قبله، حذفوها إذ توهموا أنه جواب إذا، مع أن جوابها: «فما الذي يحرِّم».
(٣) كذا وقع في ز، ك، ثم «الخامسة والخمسون» وهلم جرًّا إلى آخرها، وهي «الفائدة السبعون». فلا أدري أسقطت فائدة هنا في النسخ أم سها المؤلف نفسه في الترقيم، كما سها في «طريق الهجرتين» (٢/ ٥٥٥) وغيره. وفي ب: «الثالثة والخمسون»، و «الرابعة والخمسون» وهكذا إلى آخرها وهي «التاسعة والستون».