للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قسمين: صحيح، وفاسد. فالصحيح قسم من أقسام الشريعة لا قسيم لها، والباطل ضدُّها ومنافيها. وهذا الأصل من أهم الأصول وأنفعها، وهو مبني على حرف واحد، وهو عموم رسالة النبي (١) - صلى الله عليه وسلم - بالنسبة إلى كلِّ ما يحتاج إليه العباد في معارفهم وعلومهم وأعمالهم، وأنه لم يُحْوِج أمته إلى أحد بعده، وإنما حاجتُهم إلى من يبلِّغهم عنه ما جاء به. فلرسالته عمومان محفوظان (٢) لا يتطرق إليهما تخصيص: عمومٌ بالنسبة إلى المرسل إليه، وعمومٌ بالنسبة إلى كلِّ ما يحتاج إليه مَن بُعِثَ إليه في أصول الدين وفروعه. فرسالته كافية شافية عامَّة، لا تُحْوِج إلى سواها. ولا يتمُّ الإيمان به إلا بإثبات عموم رسالته في هذا وهذا، فلا يخرج أحد من المكلَّفين عن رسالته، ولا يخرج نوع من أنواع الحق الذي تحتاج إليه الأمة في علومها وأعمالها عما جاء به.

وقد توفي رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وما طائرٌ يقلِّب جناحيه في السماء إلا ذكَّر الأمَّةَ (٣) منه علمًا. وعلَّمهم كلَّ شيء حتى آداب التخلِّي وآداب الجماع والنوم والقيام والقعود، والأكل والشرب، والركوب والنزول، والسفر والإقامة، والصمت والكلام، والعزلة والخلطة، والغنى والفقر، والصحة والمرض، وجميع أحكام الحياة والموت.


(١) في النسخ المطبوعة: «رسالته».
(٢) أثبت في المطبوع من إحدى النسخ: «عمومات محفوظات» مع إثبات «إليهما» في نعته، ومع ذكر عمومين فقط فيما بعد!
(٣) كذا في ز، ك مع تشديد الكاف من «ذكَّر». ونحوه في حديث أبي ذر في «مسند أحمد» (٢١٤٣٩): «إلا ذكَّرَنا منه علمًا»، وفي (٢١٣٦١): «أذكرنا». وفي ب: «ذكر للأمة»، وكذا في النسخ المطبوعة.