للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فصل

وقوله: "إلا مجرَّبًا عليه شهادةُ زُور" يدل على أن المرَّة الواحدة من شهادة الزور تستقِلُّ بردِّ الشهادة.

وقد قَرَن الله سبحانه في كتابه بين الإشراك وقول الزور، فقال تعالى: {وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ (٣٠) حُنَفَاءَ لِلَّهِ غَيْرَ مُشْرِكِينَ بِهِ} [الحج: ٣٠ - ٣١].

وفي "الصحيحين" (١) [٦٨/أ] أيضًا عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: "ألا أنبِّئكم بأكبر الكبائر؟ ". قلنا: بلى يا رسول الله. قال: "الشركُ بالله، ثم عقوقُ الوالدين". وكان متكئًا، فجلس، ثم قال: "ألا وقولُ الزور، ألا وقولُ الزور". فما زال يكرِّرها حتى قلنا: ليته سكت! وفي "الصحيحين" (٢) عن أنس عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: "أكبر الكبائر: الإشراكُ بالله، وقتلُ النفس، وعقوقُ الوالدين، وقولُ الزور" أو قال: "وشهادة الزور".

ولا خلاف بين المسلمين أن شهادة الزور من الكبائر. واختلف الفقهاء في الكذب في غير الشهادة: هل هو من الصغائر أو من الكبائر؟ على قولين هما روايتان عن الإمام أحمد، حكاهما أبو الحسين في "تمامه" (٣). واحتجَّ من جعله من الكبائر بأن الله سبحانه جعله في كتابه من صفات شرِّ البريَّة، وهم الكفار والمنافقون، فلم يصف به إلا كافرًا أو منافقًا، وجعله علَمَ أهل النار وشعارَهم، وجعل الصدقَ علَمَ أهل الجنة وشعارَهم.


(١) البخاري (٢٦٥٤) ومسلم (٨٧) من حديث أبي بكرة.
(٢) البخاري (٦٨٧١) ومسلم (٨٨).
(٣) (٢/ ٢٥٨).